responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 335

بني إسرائيل، و سألهم عن ذلك؟فقالوا: إن يوسف عليه الصلاة و السلام، لما حضره الموت أخذ على إخوته عهدا أن لا يخرجوا من مصر حتى يخرجوه معهم، فلذلك انسد علينا الطريق. فسألهم عن موضع قبره فلم يعلموا فقام موسى ينادي أنشد اللّه كل من يعلم أين قبر يوسف إلا أخبرني به، و من لم يعلم فصمت أذنه عن قولي، فكان يمر بين الرجلين و هو ينادي فلا يسمعان صوته، حتى سمعته عجوز من بني إسرائيل فقالت: أ رأيتك إن دللتك على قبره أ تعطيني كل ما سألتك؟ فأبى عليها، و قال: حتى أسأل ربي عزّ و جلّ. فأمره اللّه أن يعطيها سؤالها. فقالت: إني عجوز كبيرة لا أستطيع المشي فاحملني و أخرجني من مصر هذا في الدنيا، و أما في الآخرة فأسألك أن لا تنزل غرفة في الجنة إلا نزلتها معك. قال: نعم. قالت: إنه في جوف الماء في النيل، فادع اللّه حتى يحسر عنه الماء. فدعا اللّه تعالى فحسر عنه الماء. و دعا اللّه تعالى أن يؤخر طلوع الفجر إلى أن يفرغ من أمر يوسف، فحفر موسى ذلك الموضع و استخرجه في صندوق مرمر، و حمله معه حتى دفنه بالشام. ففتح لهم الطريق فساروا و موسى على ساقتهم و هارون على مقدمتهم. و نذر بهم فرعون فجمع قومه، و أمرهم أن لا يخرجوا في طلب بني إسرائيل، حتى تصيح الديكة. قال عمرو بن ميمون: فو اللّه ما صاح ديك تلك الليلة. فخرج فرعون في طلب بني إسرائيل، و على مقدمته هامان في ألف ألف و سبعمائة ألف، و كان فيهم سبعون ألفا من دهم الخيل، سوى سائر الشيات.

و قال شيخ التفسير محمد بن جرير الطبري: كان في عسكر فرعون مائة ألف حصان أدهم، و كان فرعون في سبعة آلاف و كان في الدهم، و كان بين يديه مائة ألف ناشب، و مائة ألف أصحاب حراب، و مائة ألف أصحاب أعمدة. و كان الماء في غاية زيادته، و كان قد أشرف على بني إسرائيل حين أشرقت الشمس، فتحير أصحاب موسى فأوحى اللّه تعالى إلى موسى: أن اضرب بعصاك البحر، فضربه فلم يطعه فأوحى اللّه تعالى إليه أن كنه فضربه و قال انفلق أبا خالد بإذن اللّه تعالى فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم، و ظهر فيه اثنا عشر طريقا لكل سبط طريق، و ارتفع الماء بين كل طريقين كالجبل. و أرسل اللّه تعالى الريح و الشمس على قعر البحر حتى صار يبسا فحاضت بنو إسرائيل البحر كل سبط في طريق، و عن جانبهم الماء كالجبل الضخم فصار لا يرى بعضهم بعضا فخافوا. و قال كل سبط قد قتل إخواننا فأوحى اللّه تعالى إلى الماء أن يشبك فصار الماء شبكات كالطاقات يرى بعضهم بعضا و يسمع بعضهم كلام بعض، حتى عبروا البحر سالمين.

فذلك قوله‌ [1] تعالى: فَأَنْجَيْنََاكُمْ وَ أَغْرَقْنََا آلَ فِرْعَوْنَ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ و ذلك أن فرعون، لما وصل إلى البحر، و رآه متقطعا قال لقومه: انظروا إلى البحر كيف انفلق من هيبتي، حتى أدرك عبيدي الذين أبقوا!ادخلوا البحر، فهاب قومه أن يدخلوه، و قالوا له: إن كنت ربا فادخل البحر كما دخل. يعني موسى. و كان فرعون على حصان أدهم و لم يكن في خيل فرعون فرس أنثى، فجاء جبريل عليه السلام على فرس أنثى وديق، فتقدمهم و خاض البحر، فلما شم أدهم فرعون ريحها، اقتحم البحر في أثرها، و لم يملك فرعون من أمره شيئا، و هو لا يرى فرس جبريل عليه السلام، فاقتحمت الخيول خلفه البحر، و جاء ميكائيل عليه السلام على فرس، خلف القوم يسوقهم، حتى لم يبق رجل، و هو يقول لهم: الحقوا بأصحابكم، حتى إذا خاضوا كلهم البحر، و خرج


[1] سورة البقرة: الآية 50.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 335
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست