اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 322
و هم يتركوك أسلح من حبارى # رأت صقرا و أشرد من نعام
و من شأنها أنها تصاد و لا تصيد. روى البيهقي في الشعب من حديث يحيى بن أبي كثير عن سلمة عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه سمع رجلا يقول: إن الظالم لا يضر إلا نفسه فقال أبو هريرة: كذب و الذي نفسي بيده إن الحبارى لتموت هزالا من خطايا بني آدم، و هو كذلك في تفسير الثعلبي في آخر سورة فاطر يعني إذا كثرت الخطايا، منع اللّه القطر عن أهل الأرض. و إنما يصيب الطير من الحب و الثمرة على قدر المطر قال الشاعر:
يسقط الطير حيث يلتقط # الحب و تغشى منازل الكرماء [1]
و هي من أكثر الطير حيلة في تحصيل الرزق، و مع ذلك تموت جوعا لهذا السبب فسبحان القادر على ما يشاء و ولدها يقال له نهار، و فرخ الكروان يقال له ليل و لذلك قال الشاعر:
و نهارا رأيت منتصف الليـ # ل و ليلا رأيت وسط النهار
الحكم:
يحل أكلها لأنها من الطيبات. روى أبو داود و الترمذي عن يزيد بن عمر بن سفينة مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، عن أبيه عن جده أنه قال: «أكلت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حبارى» . [2] قال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
الأمثال:
قالوا: «أنكد من الحبارى» كما تقدم. و قال عثمان: «كل شيء يحب ولده حتى الحبارى» . [3] و إنما خصها بالذكر لأنها يضرب بها المثل في الحمق، فهي، على حمقها، تحب ولدها فتطعمه و تعلمه الطيران كغيرها من الحيوان. و قالوا: «أسلح من الحبارى» [4]
حالة الخوف «و أسلح من الدجاج» [5] حالة الأمن. و قالوا: «الحبارى خالة الكروان» [6] و قالوا: [7] «أقصر من إبهام الحبارى» و «من إبهام القطاة» .
الخواص:
لحم الحبارى بين لحم الدجاج و لحم البط في الغلظ، و هو أخف من لحم البط لأنه بري و هو حار و رطب جدا. و أجوده المخاليف المكدودة قبل الذبح و هو نافع لتسكين الرياح، لكنه يضر بالمفاصل و القولنج. و يدفع ضرره الدارصيني و الزيت و الخل، و يتولد منه دم بلغمي و يوافق أصحاب الأمزجة الباردة من الشبان، لا سيما إذا أكل في الشتاء و في البلاد الباردة. و قال صاحب تقويم الصحة: يكره لحم الحبارى لغلظه و عسر انهضامه و أجوده ما طبخ بعد أن يمضي عليه يومان ثم يغرز في صدره و أفخاذه الثوم الكثير و الفلفل، و يعمل بالأبازير و هو إذا انهضم ولد غذاء كثيرا. و ما كان منه مخلفا خير مما كان عتيقا، و يجب أن يتناول بعده حلواء العسل انتهى.
و قال القزويني: يوجد في حوصلته حجر إذا علق على الإنسان لا يحتلم ما دام عليه و إن
[1] البيت لبشار بن برد و هو في الحيوان للجاحظ: 5/445. و فيه: «.. حيث ينتشر... » .
[2] رواه أبو داود في الأطعمة: 28. و الترمذي في الأطعمة: 62.