responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 29

لو كنت أعجب من شي‌ء لأعجبني # سعي الفتى و هو مخبوء له القدر

يسعى الفتى لأمور ليس يدركها # فالنفس واحدة و الهم منتشر

و المرء ما عاش ممدود له أمل # لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر

قال أصحاب الكلام: في طبائع الحيوان ليس لشي‌ء من الفحول، مثل ما للجمل عند هيجانه إذ يسوء خلقه، و يظهر زبده و رغاؤه فلو حمل عليه ثلاثة أضعاف عادته حمل و يقل أكله، و يخرج الشقشقة و هي الجلدة الحمراء التي يخرجها من جوفه، و ينفخ فيها فتظهر من شدقه لا يعرف ما هي. قال الليث: و لا تكون إلا لعربي: و فيه نظر قال علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه: «إن الخطب من شقاشق الشيطان» . شبّه الفصيح المنطيق بالفحل الهادر، و لسانه بشقشقته.

و روى الحاكم في حديث فاطمة بنت قيس رضي اللّه عنها أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال‌ [1] لها: «أما معاوية فصعلوك، و أما أبو الجهم فإني أخاف عليك من شقاشقه» .

و الفحل لا ينزو إلا مرّة واحدة في السنة، و يطول فيها مكثه، و ينزل فيها مرارا كثيرة، و لذلك يعقبه فتور و وهن و الأنثى تلقح إذا مضى لها ثلاث سنين، و لذلك سميت حقة لأنها استحقت ذلك قالوا: و الجمل أشد الحيوان حقدا، و في طبعه الصبر و الصولة. و ذكر صاحب المنطق أنه لا ينزو على أمه. قال: و قد كان رجل في سالف الدهر ستر ناقة بثوب، ثم أرسل ولدها عليها، فلما عرف ذلك قطع ذكره، ثم حقد على الرجل حتى قتله. و آخر فعل مثل ذلك فلما عرف أنها أمه قتل نفسه. و كل الحيوان له مرارة إلا الإبل، و لذلك كثر صبرها و انقادت و كني الجمل بأبي أيوب. و إنما يوجد على كبدها شي‌ء يشبه المرارة و هي جلدة فيها لعاب يكتحل به ينفع من العشاء العتيق. و من طبعها أنها تستطيب الشجر الذي له شوك و تهضمه أمعاؤها، و لا تستطيع في غالب الأوقات أن تهضم الشعير. و من عجيب ما ذهبت إليه العرب أنها إذا أصاب إبلها العرّ كووا السليم ليشفى العليل. و في هذا المعنى قال‌ [2] النابغة:

و حملتني ذنب امرئ و تركته # كذا العر يكوي غيره و هو راتع‌

و أخذ منه غيره فقال:

غيري جنى و أنا المعاقب فيكم # فكأنني سبابة المتندم‌

و أنكر أبو عبيد القاسم بن سلام ذلك.

و روى الجماعة من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: «جاء رجل من بني فزارة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم: «هل لك من إبل» ؟ قال: نعم فما ألوانها؟قال: حمر. قال صلى اللّه عليه و سلم: «هل فيها من أورق» ؟قال: إن فيها لورقا. قال: هو


[1] رواه أبو داود في الطلاق: 39. و مسلم في الرضاع: 101.

[2] ديوان النابغة الذبياني: 83. و فيه لكلفتني... كذي العر...

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست