responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 203

ماه، و كان عالما عاملا. قال الشافعي: قيل لمالك هل رأيت أبا حنيفة؟قال: نعم رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا، لقام بحجته!و كان الشافعي يقول: الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه، و على زهير بن أبي سلمى‌ [1] في الشعر، و على محمد بن إسحاق‌ [2] في المغازي، و على الكسائي‌ [3] في النحو، و على مقاتل بن سليمان‌ [4] في التفسير. و كان أبو حنيفة إماما في القياس، و داوم على صلاة الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة. و كان عامة ليلة يقرأ القرآن في ركعة واحدة، و كان يبكي في الليل حتى يرحمه جيرانه. و ختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه سبعة آلاف مرة. و لم يفطر منذ ثلاثين سنة، و لم يكن يعاب بشي‌ء سوى قلة العربية. حكي أن أبا عمرو بن العلاء، سأله عن القتل بالمثقل، هل يوجب القود؟قال: لا، على قاعدة مذهبه خلافا للشافعي. فقال له أبو عمرو: لو قتله بحجر المنجنيق؟فقال: و لو قتله بأبا قبيس: يعني الجبل المطل على مكة. و قد اعتذر عن أبي حنيفة بأنه قال ذلك على لغة من يعرب الأسماء الستة بالألف في الأحوال الثلاثة و أنشدوا على ذلك:

إن أباها و أبا أباها # قد بلغا في المجد غايتاها

و هي لغة الكوفيين، و أبو حنيفة من أهل الكوفة. و توفي أبو حنيفة في السجن ببغداد سنة خمسين و مائة، و قيل غير ذلك، و قيل لم يمت في السجن، و قيل مات في اليوم الذي ولد فيه الشافعي، و قيل في العام لا في اليوم كما تقدم. و قال النووي في تهذيب الأسماء و اللغات: توفي في سنة إحدى و قيل ثلاث و خمسين و مائة و اللّه أعلم قلت: البيت المذكور في حكاية الإسكافي المتقدمة، للعرجي عبد اللّه بن عمرو بن عثمان بن عفان رضي اللّه تعالى عنهم. و قد استشهد به النضر بن شميل على المأمون، قال ابن خلكان: دخل النضر [5] بن شميل على المأمون ليلة، فتفاوضا الحديث فروى المأمون عن هشيم بسنده إلى ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما، أنه قال:

قال‌ [6] رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إذا تزوج الرجل المرأة لدينها و جمالها، كان فيه سداد من عوز» بفتح السين. فقال النضر: يا أمير المؤمنين صدق هشيم حدثنا فلان عن فلان إلى علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه، قال: قال‌ [7] رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إذا تزوج الرجل المرأة لدينها و جمالها، فهو سداد من عوز» بكسر السين. قال: و كان المأمون متكئا، فاستوى جالسا و قال: كيف قلت


[1] زهير بن أبي سلمى المزني. الشاعر الجاهلي الحكيم.

[2] محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، أبو بكر، إمام في المغازي و السير و ثقة في الحديث، توفي ببغداد سنة 151 هـ-.

[3] الكسائي أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد اللّه بن بهمن، أحد القراء السبعة، إمام في النحو و اللغة و القراءات. مات بطوس سنة 183 هـ و قيل سنة 189 هـ- بالري.

[4] مقاتل بن سليمان بن بشير، أبو الحسن، الأزدي بالولاء، المفسّر المشهور و المحدث في بغداد. و قد ساق ابن خلكان الخبر بتمامه في ترجمته لمقاتل. توفي مقاتل سنة 150 هـ- في البصرة. وفيات الأعيان: 5/255.

[5] النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم بن عبدة بن زهير السّكب، الشاعر النحوي، له دراية في الفقه و اللغة و أيام العرب. توفي سنة 203 هـ- بمرو. و الخبر في ترجمته في وفيات الأعيان: 5/399.

[6] رواه مسلم في الرضاع 54، و الترمذي في النكاح 4. و ابن ماجة في النكاح 6.

[7] رواه مسلم في الرضاع 54، و الترمذي في النكاح 4. و ابن ماجة في النكاح 6.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست