responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 202

أقول لبيك اللهم لبيك، فيقول: لا لبيك و لا سعديك، فشجعوه قالوا: لا بد من التلبية، فلما لبى غشي عليه حتى سقط عن راحلته. و كان يصلي في كل يوم و ليلة ألف ركعة، و كان كثير الصدقات، و كان أكثر صدقته بالليل، و كان يقول: «صدقة الليل تطفئ غضب الرب» و كان كثير البكاء، فقيل له في ذلك فقال: إن يعقوب عليه السلام بكى حتى ابيضت عيناه على يوسف، و لم يتحقق موته، فكيف لا أبكي و قد رأيت بضعة عشر رجلا يذبحون من أهلي في غداة واحدة؟ و كان إذا خرج من منزله قال: اللهم إني أتصدق اليوم أو أهب عرضي اليوم لمن يغتابني. و مات لرجل ولد مسرف على نفسه، فجزع عليه، فقال له علي بن الحسين إن من وراء ولدك خلالا ثلاثة: شهادة أن لا إله إلا اللّه، و شفاعة رسول اللّه، و رحمة اللّه. و اختلف أهل التاريخ في السنة التي توفي فيها زين العابدين و المشهور عند الجمهور أنه توفي سنة أربع و تسعين في أولها. و قال ابن الفلاس: و فيها مات سعيد بن المسيب، و سعيد بن جبير، و عروة بن الزبير، و أبو بكر بن عبد الرحمن. و قال بعضهم: توفي في سنة اثنتين أو ثلاث و تسعين. و أغرب المدائني في قوله إنه توفي سنة مائة و قيل توفي في سنة تسع و تسعين. و كان عمره ثمانيا و خمسين سنة، و دفن في قبر عمه الحسن رضي اللّه عنهما، و عن آبائهم الكرام، و عن أصحاب رسول اللّه أجمعين. و في وفيات الأعيان في ترجمة جلال الدولة ملك شاه أن المقتدي بأمر اللّه، جهز الشيخ أبا إسحاق الشيرازي الفيروزآبادي، صاحب التنبيه و المهذب و غيرهما، إلى نيسابور سفيرا له، في خطبة ابنة الملك جلال الدولة فنجز الشغل، و ناظر إمام الحرمين هناك، فلما أراد الانصراف من نيسابور، خرج إمام الحرمين إلى وداعه، و أخذ بركابه حتى ركب أبو إسحاق بغلته، و ظهر له في خراسان منزلة عظيمة، و كانوا يأخذون التراب الذي وطئته بغلته فيتبركون به. و كان رحمه اللّه إماما عالما عاملا ورعا زاهدا عابدا. توفي في سنة ست و سبعين و أربعمائة، و توفي إمام الحرمين في سنة ثمان و سبعين و أربعمائة و غلقت الأسواق يوم موته، و كسر منبره بالجامع، و كانت تلامذته قريبا من أربعمائة نفر، فكسروا محابرهم و أقلامهم و أقاموا على ذلك عاما كاملا. و في تاريخ بغداد و وفيات الأعيان أن أبا حنيفة كان له جار اسكافي يعمل نهاره فإذا رجع إلى منزله ليلا تعشى ثم شرب فإذا دب الشراب فيه أنشد يغني و يقول: [1]

أضاعوني و أيّ فتى أضاعوا # ليوم كريهة و سداد ثغر

و لا يزال يشرب و يردد هذا البيت، حتى يأخذه النوم و أبو حنيفة يسمع جلبته كل ليلة.

و كان أبو حنيفة يصلي الليل كله ففقد أبو حنيفة صوته، فسأل عنه فقيل له: أخذه العسس منذ ليال، فصلى أبو حنيفة الفجر من غده، ثم ركب بغلته و أتى دار الأمير، فاستأذن عليه فقال:

ائذنوا له و أقبلوا به راكبا و لا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط، ففعل به ذلك، فوسع له الأمير من مجلسه، و قال له: ما حاجتك؟فشفع في جاره. فقال الأمير: اطلقوه و كل من أخذ في تلك الليلة إلى يومنا هذا فأطلقوهم أيضا فذهبوا فركب أبو حنيفة بغلته، و خرج و الإسكافي معه يمشي وراءه، فقال له أبو حنيفة: يا فتى هل أضعناك؟فقال: بل حفظت و رعيت، فجزاك اللّه خيرا عن حرمة الجوار. ثم تاب الرجل و لم يعد إلى ما كان يفعل. و اسم أبي حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى بن


[1] البيت في الأغاني: 1/413 و هو للعرجي.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست