اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 161
أربع و خمسين و مائة، بعد أن عذبه و أخذ أمواله و كان قد تمكن من المنصور، غاية التمكن لاحسان فعله مع المنصور قبل خلافته ثم أبغضه، و هم أن يوقع به و تطاول ذلك، و كان كلما دخل عليه ظن أنه سيوقع به ثم يخرج سالما.
قيل: إنه كان معه شيء من الدهن قد عمل فيه سحرا فكان يدهن حاجبيه إذا دخل على المنصور، فصار مثلا في العامة يقولون: دهن أبي أيوب قال في الجواهر الزواهر. و كان المنصور يوده كثيرا و يتبسم إليه و أنشد على ذلك لناصح الدين سعيد بن الدهان [1] سيبويه عصره في النحو قوله: [2]
لا تجعل الهزل دأبا فهو منقصة # و الجد تعلو به بين الورى القيم [3]
و لا يغرنك من ملك تبسمه # ما سحت السحب إلا حين تبتسم
تأمل نحولي و الهلال إذا بدا # لليلته في أفقه أينا أضنى
على أنه يزداد في كل ليلة # نموّا و جسمي بالضنى دائما يفنى
و له أيضا:
و اللّه لو لا أن يقال تغيرا # و صبا و إن كان التصابي أجدرا
لا عدت تفاح الخدود بنفسجا # لثما و كافور الترائب عنبرا
و كانت وفاته سنة تسع و ستين و خمسمائة قال الغزنوي: الترائب جمع تريبة و هو موضع القلادة من الصدر، و زاد الكواشي و قيل: الصدر و قيل: النحر و قيل: أطراف الرجل.
الخواص:
مرارته من اكتحل بها أمن من نزول الماء في عينيه. و إن شربت امرأة من زرق البازي مدافا بماء أعان على الحبل، و إن كانت عاقرا.
و أما الباشق فدماغه ينفع من الخفيقان العارض من السوداء، إذا سقي منه وزن درهم بماء ورد، و مرارته تنفع من ظلمة العين اكتحالا.
[1] ابن الدهان: أبو محمد سعيد بن المبارك، النحوي البغدادي صاحب التصانيف المتوفى سنة 569 هـ-.
[2] الأبيات جميعها في وفيات الأعيان مع ترجمة ابن الدهان: 2/383.
[3] في الوفيات: «... و الجد تغلو به... » . و في البيت الثاني «... ما تصخب السحب... » .