responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 147

الإسكندرية فعقل بها، و لم يزل بها إلى أن استقر ططر [1] في المملكة، فأرسل في إطلاقه و أذن له في المجي‌ء إلى القاهرة فاختار الإقامة في الاسكندرية، لأنها لاقت بحاله، و استطابها و حصل له بها مال جزيل، من التجارة فاستمر إلى أن مات فيها شهيدا بالطاعون سنة ثلاث و ثلاثين و ثمانمائة.

فصل: فيما يجب على من يصحب الخلفاء الراشدين، و أمراء المؤمنين، و الملوك و السلاطين.

قال الشعبي: قال لي عبد اللّه بن عباس، قال لي العباس: اي بني إني أرى هذا الرجل، يعني عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه، يقدمك على كثير من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و إني أوصيك بكلمات أربع لا تفشين لهم سرا، و لا تحدثنهم كذبا، و لا تطرين عندهم نصيحة، و لا تغتابن لديهم أحدا. قال الشعبي: فقلت لابن عباس: كل واحدة منهن خير من ألف، قال: إي و اللّه، و من عشرة آلاف. قال بعض الحكماء: إذا زادك السلطان إكراما، فزده إعظاما و إذا جعلك ولدا فاجعله سيدا، و إذا جعلك أخا فاجعله والدا، و لا تديمن النظر إليه، و لا تكاسر من الدعاء له، و لا تتغير منه إذا سخط، و لا تغتر به إذا رضي و لا تلح في مسألته و قد قيل في المعنى:

قرب الملوك يا أخا البدر السني # حظ جزيل بين شدقي ضيغم‌

قال الفضل بن الربيع‌ [2] : من كلم الملوك في حاجة في غير وقتها، جهل مقامه و ضاع كلامه، و ما أشبه ذلك إلا بأوقات الصلاة، التي لا تقبل إلا في وقتها. قال خالد بن صفوان‌ [3] : من صحب السلطان بالنصيحة و الأمانة، كان أكبر عدو له، ممن صحبه بالفسق و الخيانة، لأنه يجتمع على الناصح عدو السلطان و صديقه، بالعداوة و الحسد، فعدو السلطان يبغضه لنصيحته، و صديقه ينافسه في مرتبته. قال أفلاطون‌ [4] الحكيم: إذا خدمت ملكا، فلا تطعه في معصية ربك، فإن إحسانه إليك أفضل من إحسانه إليك، و إيقاعه بك أغلظ من إيقاعه بك. و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:

«من تواضع لغني لأجل غناه، ذهب ثلثا دينه» . رواه البيهقي في الشعب من حديث ابن مسعود و أنس بلفظ: «من أصبح حزينا على الدنيا، أصبح ساخطا على ربه، و من أصبح يشكو مصيبته فإنما يشكو ربه، و من دخل لغني فتضعضع له، ذهب ثلث دينه» .

و أخرج الديلمي، من حديث أبي ذر: «لعن اللّه فقيرا يتواضع لغني من أجل ماله. من فعل ذلك فقد ذهب ثلثا دينه» . و قد قال صلى اللّه عليه و سلم: «من ترك شيئا للّه عوضه اللّه خيرا منه» .

و روى‌ [5] أحمد عن بعض الصحابة مرفوعا «إنك لا تدع شيئا اتقاء اللّه إلا أعطاك اللّه خيرا منه» .


[1] ططر: الظاهري الجركسي أبو سعيد، من ملوك الجراكسة في مصر، تقلد السلطنة سنة 824 هـ-، و مات في السنة ذاتها. و كان دينا لينا كريما.

[2] الفضل بن الربيع بن يونس، أبو العبّاس، وزير أديب، على عهد الرشيد العباسي و استقر على الوزارة أيام الأمين. مات سنة 208 هـ-.

[3] خالد بن صفوان.

[4] افلاطون: فيلسوف اليونان الأول، صاحب الجمهورية الفاضلة.

[5] رواه أحمد: 5/78، 79.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست