responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 89

بالموجود. و قال المأمون: الجود بذل الموجود و البخل سوء الظن بالمعبود. قيل و شكا رجل إلى إياس بن معاوية كثرة ما يهب و يصل الناس و ينفق. قال: إن النفقة داعية الرزق و كان جالسا على باب فقال للرجل: أغلق هذا الباب فأغلقه. فقال: هل تدخل فيه الريح؟قال: لا. قال: فافتحه، ففتحه فجعلت الريح تخترق في البيت، فقال: هكذا الرزق أغلقت فلم تدخل الريح فكذلك إذا أمسكت لم يأتك الرزق.

قيل: و وصل المأمون محمد بن عباد المهلبي بمائة ألف دينار ففرقها على إخوانه فبلغ ذلك المأمون. فقال: يا أبا عبد اللّه إن بيوت الأموال لا تقوم بهذا. فقال: يا أمير المؤمنين البخل بالموجود سوء الظن بالمعبود. و عن أمية بن يزيد الأموي قال: كنا عند عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية فجاءه رجل من أهل بيته فسأله المعونة على تزويج، فقال له قولا ضعيفا فيه رعد و قلة إطماع.

فلما قام من عنده و مضى دعا صاحب خزانته فقال: أعطه أربعمائة دينار فاستكثرناها و قلنا: كنت رددت عليه ردا ظننا أنك تعطيه شيئا قليلا فإذا أنت أعطيته أكثر مما أمل، فقال: إني أحب أن يكون فعلي أحسن من قولي.

و بحاتم يضرب المثل و السخاء، فحدثنا عن بعض حالات حاتم. قيل: كان حاتم جوادا شاعرا و كان حيثما نزل عرف منزله و كان ظفرا إذا قاتل غلب و إذا غنم نهب و إذا سئل وهب و إذا شرب بالقداح سبق و إذا أسر أطلق، و كان أقسم أن لا يقتل واحدا، قيل: و لما بلغ حاتما قول المتلمس الضبعي:

قليل المال تصلحه فيبقى # و لا يبقى الكثير مع الفساد

و حفظ المال أيسر من بقاء # و ضرب في البلاد بغير زاد

فقال: ما له قطع اللّه لسانه، يحرض الناس على البخل أ فلا قال:

فلا الجود يفني المال قبل فنائه # و لا البخل في مال الشحيح يزيد

فلا تلتمس رزقا بعيش مقتّر # لكل غد رزق يعود جديد

أ لم تر أن الرزق غاد و رائح # و إن الذي أعطاك سوف يعيد

اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 89
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست