اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 88
أخذ منها بغصن مدّ به إلى الجنة» . و قال عبد العزيز بن مروان: لو لم يدخل على البخلاء في لؤمهم إلا سوء ظنهم باللّه عز و جل لكان عظيما. و قال صلى اللّه عليه و سلم:
«تجافوا عن ذنب السخي فإن اللّه آخذ بيده كلما عثر» . و قال بهرام جور:
من أحب أن يعرف فضل الجود على سائر الأشياء فلينظر إلى ما جاد اللّه به على الخلق من المواهب الجليلة و الرغائب النفيسة و النسيم و الريح كما و عدهم اللّه بالجنان فإنه لو لا رضاه الجود لم يصطفه لنفسه. و قال الموبذان لأبرويز:
أ كنتم تمنون انتم و آباؤكم بالمعروف و تترصدون عليه بالمكافأة؟قال:
لا، و لا نستحسن ذلك لخولنا و عبيدنا فكيف نرى ذلك و في كتاب ديننا من فعل معروفا خفيا و أظهره ليتطول به على المنعم عليه فقد نبذ الدين وراء ظهره و استوجب أن لا نعده من الأبرار و لا نذكره في الأتقياء و الصالحين؟قيل:
و سئل الإسكندر: ما أكبر ما شيدت به ملكك؟قال: ابتداري إلى اصطناع الرجال و الإحسان إليهم. قال: و كتب ارسطاطاليس في رسالته إلى الاسكندر:
و اعلم أن الأيام تأتي على كل شيء فتخلقه و تخلق آثاره و تميت الأفعال إلاّ ما رسخ في قلوب الناس. فأودع قلوبهم محبة آبدة [1] تبقي بها حسن ذكرك و كريم فعالك و شرف آثارك. قال: و لما قدم بزرجمهر إلى القتل قيل له: إنك في آخر وقت من أوقات الدنيا و أول وقت من أوقات الآخر فتكلم بكلام تذكر به.
فقال: أي شيء أقول؟الكلام كثير و لكن إن أمكنك أن يكون حديثا حسنا فافعل. قيل: و تنازع رجلان أحدهما من ابناء العجم و الآخر أعرابي من الضيافة. فقال الأعرابي: نحن أقرى للضيف. قال: و كيف ذلك؟قال:
لأن أحدنا ربما لا يملك إلاّ بعيرا فإذا حل به ضيف نحره له، فقال له الأعجمي: فنحن أحسن مذهبا في القرى منكم، قال: و ما ذاك؟قال:
نحن نسمي الضيف مهمان و معناه أنه أكبر من في المنزل و أملكنا به، و قال بعض الحكماء: بلغ الجود من قام بالمجهود. و قيل الجواد من لم يضن