اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 233
بها من رفعه إياها، و تشريفه لها، ما لم تبلغه امرأة قبلها و لا بعدها.
ثم إن كردية قالت لكسرى: «يا سيدي، اخرج بنا إلى الميدان لألعب، بين يديك، بالكرة و الصولجان» . فخرج معها إلى الميدان، و خرجت امرأته شيرين، و خواص نسائه، و دعا بخيل، فأسرجت، و ركبت و ركب هو، و جعلت تلاعبه بالصوالج، و تناولت السيف، و ركضت في الميدان، و لعبت بالسيف لعبا معجبا، ثم أخذت الرمح فلعبت به. فقالت شيرين: «أيها الملك!ما يؤمنك من هذه الشيطانة» ؟قال: «هيهات!إنها أعرف بحقنا، و أشد حبا لنا من أن نخافها على أنفسنا» .
فلما نزلت، قال كسرى: «لنا في كل ربع من أرباع مملكتنا قائد في أثني ألف رجل؛ و في قصري اثنا عشرة آلاف امرأة، و قد جعلتك قائدا عليهن» . قالت: «يا سيدي، ما للنساء و الفروسية؛ و إنما علينا أن نتزين لك، و نتطيّب و نسرك بأنفسنا؛ و أردت، بما كان مني، سرورك و تسلية همومك» . فأمر كسرى بحمل طعامه و شرابه إلى منزلها، و بقي عندها أسبوعا، لم يخرج إلى الناس، و لم يأذن لأحد بالدخول عليه، ثم خرج من عندها إلى منزل شيرين، فأتاه صياد بسمكة عظيمة، فأعجب بها، و أمر له بأربعة آلاف درهم. فقالت له شرين: «أمرت لصياد بأربعة آلاف درهم، فإن أمرت بها لرجل من الوجوه» ، قال: «إنما أمر لي بمثل ما أمر للصياد» .
فقال: «كيف أصنع، و قد أمرت له» ؟قالت: «إذا أتاك، فقل له:
أخبرني عن السمكة، أذكر هي أم أنثى؟فإن قال: «أنثى» ، فقل: لا تقع عيني عليك حتى تأتيني بالذكر. و إن قال: «ذكر» ، فقل مثل ذلك.
فلما غدا الصياد على الملك، قال له: «أخبرني عن السمكة، أذكر هي أم أنثى» ؟قال: «بل أنثى» . قال: فاتني بذكرها» فقال: عمر اللّه الملك؟إنها كانت بكرا لم تتزوج بعد» . قال الملك: «زه، زه» و أمر بأربعة آلاف درهم؛ و أمر أن يكتب في يكتب في ديوان الحكمة: «إن الغدر و مطاوعة النساء يورثان الغرم» .
و قال: و كان الموبذان إذا دخل على كسرى، قال: «عشت، أيها
اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 233