اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 232
بنت بهرام جستاسب، كتبه لها كسرى ابرويز بن هرمز، إن لك عندي عهد اللّه، و ذمته، و ذمة أنبيائه و رسله، إن أنت قتلت بسطام، و أرحتني منه، أن أتزوّج بك، و أجعلك سيدة نسائي، و أبلغ من كرامتك ما لا يبلغ ملك من الملوك لأحد، و أشهد اللّه على ذلك، و كفى باللّه شهيدا» .
و كتب كسرى بخطه، و ختمه بخاتمه يوم كذا من شهر كذا. فسارت «أرجيّة» ، حتى دخلت عسكر بسطام كهيئة الزائرة لكردية بالنظر إليها، و كان بينهما قرابة، فلما جلست و سكنت، دفعت إليها كتاب كسرى، و قالت لها:
«يا ابنة العم، أجيبي الملك إلى ما سألك، و اغنمي بذلك الرجوع إلى وطنك» . فرغبت لشدة شوقها إلى أهلها، فأجابتها إلى ذلك.
و انصرفت أرجيّة إلى عسكر كسرى، و عرّفت زوجها ما كان بينها و بين كردية، فمضى كردي إلى كسرى فأعلمه.
ثم إن بسطام دخل على كردية، فأتته بعشاء، فتناول منه، ثم أتته بشراب فسقته، و جعلت تحدثه، و تظهر له المحبة، حيت مضى ثلث الليل؛ فنام بسطام، فلما استثقل نوما، قامت إليه كردية بسيفها، فوضعته على ثندؤته، ثم اتكأت فأخرجته من ظهره فمات؛ و عمدت من ساعتها إلى دوابّها، فحملت حشمها و أثقالها على البغال، و خرجت نحو عسكر كسرى؛ و قد كانت وجهت مع «أرجيّة» إلى أخيها أن يجلس لها على الطريق، فلما وافته، سار معها حتى أدخلها على كسرى، ففرح بذلك فرحا شديدا.
فلما أصبح أصحاب بسطام، و رأوه قتيلا، و لوّا هاربين على وجوههم؛ فانصرف كسرى إلى المدائن، فاتخذ لكردية تاجا مكللا بالدرر و صنوف الجوهر، و أعدّ لها وليمة عظيمة دعا فيها جنوده، فطعموا و شربوا، ثم دعا كرديا أخاها، فزوّجه إياها، و مهرها، و أعطاها خاتما، فصّه من الكبريت الأحمر، يضيء في الليلة الظلماء كما يضيء السراج.
فلما دخل بها كسرى، و نظر إلى جمالها و عقلها، سرّ بها، و أعطاها الأموال، و أقطعها الضياع، و أكرم أخاها كرديا، و ولاّه أرض فارس، و بلغ
اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 232