responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 218

دعت نسوة شمّ العرانين بدّنا # نواعم لا شعثا و لا غبرات

فأدنين لمّا قمن يحجبن دونها # حجابا من القسّيّ و الحبرات

أجلّ الذي فوق السّماوات عرشه # أوانس بالبطحاء معتجرات

يخبّين أطراف البنان من التقى # و يخرجن بالأسحار معتمرات‌

قال عوانة عن محمد بن زياد عن شيخ من كندة: خرج الحارث بن سليل الأسدي زائرا لمعلقة بن حفصة الطائي، فلما قدم عليه، بصر بابنة له يقال لها: «الزباء» ، و كانت من أجمل نساء أهل عصرها، فأعجب بها فقال لأبيها: «أتيتك زائرا، و قد ينكح الخاطب، و يكرم الطالب، و يفلح الراغب» فقال: «أنت امرؤ كريم يقبل منك الصفو، و يؤخذ منك العفو، فأقم ننظر في أمرك» ثم انكفأ إلى أهله فقال: «إن الحارث بن سليل سيد قومه منصبا و حسبا و بيتا فلا ينصرفن من عندنا إلاّ بحاجته، فأريدي ابنتك عن نفسها» فخلت بالزباء فقالت: «يا بنية أي الرجال أحب إليك، الكهل الجحجاح، الفاضل المناح، أم الفتى الوضاح» قالت: «الزمور الطماح» قالت: «يا بنية إن الشيخ يميرك، و لا يغيرك، و ليس الكهل الفاضل الكثير النائل، كالحديث السن، الكثير الظن» قالت: «يا أماه أخشى الشيخ أن يدنس ثيابي، و يشمت بي أترابي، و يبلي شبابي» .

قال: فلم تزل بها أمها حتى غلبتها على رأيها، فتزوجها الحارث بن سليل على خمسين و مائة من الإبل و ألف درهم و ابتنى بها ثم رحل إلى قومه، فبينما هو جالس ذات يوم، و هي إلى جانبه، إذ أقبل فتية من بني أسد نشاوى يتبخترون، فلما نظرت إليهم تنفست الصعداء، و بكت فقال: «ما شأنك» ؟قالت: «ما لي و للشيوخ الناهضين كالفروخ» ؟قال: ثكلتك أمك؛ تجوع الحرّة، و لا تأكل بثدييها» فذهبت مثلا.

أما و أبيك، لربّ غارة شهدتها، و خيل و زعتها، و سبية أردفتها، و خمرة شربتها. الحقي بأهلك، فأنت طالق. و قال:

تهزّأت أن رأتني لابسا كبرا # و غاية الناس بين الموت و الكبر

اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 218
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست