responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 21

و أهدى بعض الكتاب إلى صديق له دفترا و كتب معه: «هديتي هذه، اعزك اللّه، تزكو على الاتفاق، و تربو على الكد، لا تفسدها العواري، و لا تخلقها كثرة التقليب، و هي إنس في الليل و النهار و السفر و الحضر تصلح للدنيا و الآخرة تؤنس في الخلوة و تمنع من الوحدة، مسامر مساعد، و محدث مطواع، و نديم صدق.

و قال بعض الحكماء: «الكتب بساتين العلماء» و قال آخر: «ذهبت المكارم إلاّ من الكتب» .

قال الجاحظ: و أنا أحفظ و أقول: «الكتاب نعم الذخر و العقدة، و الجليس و العمدة، و نعم النشرة و نعم النزهة، و نعم المشتغل و الحرفة، و نعم الأنيس ساعة الوحدة، و نعم المعرفة ببلاد الغربة، و نعم القرين و الدخيل و الزميل، و نعم الوزير و النزيل. و الكتاب وعاء ملي‌ء علما، و ظرف حشي ظرفا، و إناء شحن مزاحا، إن شئت كان أعيا من باقل، و إن شئت كان أبلغ من سحبان وائل، و إن شئت سرّتك نوادره، و شجتك مواعظه، و من لك بواعظ مله، و بناسك فاتك، و ناطق اخرس؛ و من لك بطبيب اعرابي، و رومي هندي، و فارسي يوناني، و نديم مولد، و نجيب ممتع؛ و من لك بشي‌ء يجمع الأول و الآخر، و الناقص و الوافر، و الشاهد و الغائب، و الرفيع و الوضيع، و الغص و السمين، و الشكل و خلافه، و الجنس و ضده؛ و بعد فما رأيت بستانا يحمل في ردن، و روضة تنقل في حجر، ينطق عن الموتى و يترجم عن الأحياء، و من لك بمؤنس لا ينام إلاّ بنومك و لا ينطق إلاّ بما تهوى، آمن من الأرض و اكتم للسر من صاحب السر، و أحفظ للوديعة من أرباب الوديعة؛ و لا أعلم جارا آمن، و لا خليطا انصف، و لا رفيقا أطوع، و لا معلما اخضع، و لا صاحبا أظهر كفاية و عناية، و لا أقل املالا و لا ابراما، و لا أبعد من مراء، و لا أترك لشغب، و لا أزهد في جدال، و لا أكف في قتال من كتاب، و لا أعمّ بيانا، و لا أحسن مؤاتاة، و لا اعجل مكافأة، و لا شجرة أطول عمرا، و لا أطيب ثمرا، و لا أقرب مجتنى، و لا أسرع ادراكا، و لا اوجد في كل إبان من كتاب. و لا أعلم نتاجا في حداثة سنه، و قرب ميلاده، و رخص ثمنه و إمكان وجوده، يجمع من السير العجيبة، و العلوم‌

اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست