اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 74
في ليلة التّمّ لا يدري مضاجعها # أوجهها عنده أبهى أم القمر
لم يحجب الصّوت أجراس و لا غلق # فدمعها لطروق الصّوت منحدر
لو خلّيت لمشت نحوي على قدم # يكاد من لينه للمشي ينفطر
فسمعت الذلفاء صوت سنان، فخرجت إلى وسط الفسطاط تستمع؛ فجعلت لا تسمع شيئا من[حسن]خلق و لطافة قد، إلا الذي وافق المعنى؛ و من نعت الليل و استماع الصوت؛ إلا رأت ذلك كله في نفسها و مهبها، فحرك ذلك ساكنا في قلبها، فهملت [1] عيناها، و علا نشيجها [2] ، فانتبه سليمان فلم يجدها معه، فخرج إلى صحن الفسطاط فرآها على تلك الحال، فقال لها: ما هذا يا ذلفاء؟فقالت:
ألا ربّ صوت رائع من مشوّه # قبيح المحيّا واضع الأب و الجدّ
يروعك منه صوته و لعلّه # إلى أمة يعزى معا و إلى عبد
فقال سليمان: دعيني من هذا فو اللّه لقد خامر قلبك منه خامر!يا غلام، عليّ بسنان. فدعت الذلفاء خادما لها فقالت: إن سبقت رسول أمير المؤمنين إلى سنان، فحذّره و لك عشرة آلاف درهم و أنت حر لوجه اللّه تعالى!فخرج الرسول فسبق رسول سليمان؛ فلما أتي به قال: يا سنان، أ لم أنهك عن مثل هذا؟قال: يا أمير المؤمنين حملني الثمل و أنا عبد أمير المؤمنين و غذيّ نعمته؛ فإن رأى امير المؤمنين أن لا يضيع حظّه من عبده فليفعل. قال: أما حظي منك فلن أضيعه، و لكن ويلك!أ ما علمت أن الرجل إذا تغنى أصغت المرأة إليه، و أن الحصان إذا صهل و دقت له الفرس، و أن الفحل إذا هدر صغت له الناقة، و أن التيس إذا نبّ [3] استحرمت له الشاة؟و إياك و العود إلى ما كان منك يطول غمّك.
أبو السمراء و امرأة بالمدينة
قال إسحاق: حدثني أبو السمراء قال: حججت فبدأت بالمدينة، فإني لمنصرف من