responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 54

عثمان بن حيان و ابن أبي عتيق في تحريم الغناء

و كان ابن أبي عتيق من نبلاء قريش و ظرفائهم؛ فمن ظريف أخباره:

أن عثمان بن حيان المرّي لما دخل المدينة واليا عليها، اجتمع إليه الأشراف من قريش و الأنصار، فقالوا له: إنك لا تعمل عملا أحرى و لا أولى من تحريم الغناء و الرثاء. ففعل، و أجّلهم ثلاثا؛ فقدم ابن أبي عتيق في الليلة الثالثة، و كان غائبا، فحط رحله بباب سلاّمة الزرقاء، و قال: بدأت بك قبل أن أصير إلى منزلي!قالت:

أ و ما تدري ما حدث بعدك؟و أخبرته الخبر؛ فقال: أقيمي إلى السّحر حتى ألقاه.

فلقيه، فأخبره أنه إنما أقدمه حبّ التسليم عليه، و قال له: إن أفضل ما عملت تحريم الغناء و الرثاء. فقال: إن أهلك أشاروا عليّ بذلك. فقال: إنهم وفّقوا و وفّقت، و لكني رسول امرأة إليك تقول: قد كانت هذه صناعتي فتبت إلى اللّه منها، و أنا أسألك أيها الأمير أن لا تحول بينها و بين محاورة قبر النبي صلّى اللّه عليه و سلم!فقال عثمان: إذا أدعها. فقال: إذا لا تدعك الناس؛ و لكن تدعو بها فتنظر إليها، فإن كان يجوز تركها تركتها. قال: فادع بها. فأمر ابن أبي عتيق فتنقّبت و أخذت سبحة [1] في يدها، و صارت إليه، فحدّثته عن مآثر آبائه، ففكه بها فقال ابن أبي عتيق: أريد أن أسمع الأمير قراءتها. ففعلت؛ فحركه حداؤها. ثم قال له ابن أبي عتيق: فكيف لو سمعتها في صناعتها التي تركتها!فقال له: قل لها فلتغنّ. فغنت:

شددت خصاص البيت لما دخلته # بكلّ بنان واضح و جبين‌ [2]

فنزل عثمان عن سريرة ثم جلس بين يديها، و قال: لا و اللّه ما مثلك يخرج عن المدينة!فقال ابن أبي عتيق: يقول الناس: أذن لسلاّمة و منع غيرها!فقال له: قد أذنت لهم جميعا! و ذكر لابن أبي عتيق أن المخنثين خصوا، و أنه خصي فلان فيهم-لواحد منهم


[1] السّبحة: خرزات منظومة للتسبيح.

[2] اخصاص: جمع خصاصة، و هي الفرجة او الخلل او الخرق.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست