اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 40
أحسنت و اللّه يا أمير المؤمنين!فقام ابراهيم رهبة من ذلك، و قال: قتلتني و اللّه يا امير المؤمنين!لا و اللّه إن جلست حتى تسمّيني باسمي. قال: اجلس يا ابراهيم. فكان بعد ذلك آثر الناس عند المأمون: ينادمه و يسامره و يغنّيه.
قصة يرويها للمأمون
فحدثه يوما فقال: بينا انا مع أبيك يا أمير المؤمنين بطريقة مكة، إذ تخلفت عن الرفقة و انفردت وحدي، و عطشت و جعلت اطلب الرفقة، فأتيت إلى بئر، فإذا حبشي نائم عندها، فقلت له: يا نائم، قم فاسقني!فقال: إن كنت عطشان فانزل و استق لنفسك. فخطر صوت ببالي، فترنمت به و هو:
كفّناني إن متّ في درع أروى # و اسقياني من بئر عروة ماء [1]
فلما سمع قام نشيطا مسرورا، و قال: و اللّه هذه بئر عروة، و هذا قبره!فعجبت يا امير المؤمنين لما خطر ببالي في ذلك الموضع، ثم قال: أسقيك على أن تغنّيني؟قلت:
نعم، فلم أزل أغنيه و هو يجبذ [2] الحبل، حتى سقاني و أروى دابّتي، ثم قال: أدلك على موضع العسكر على أن تغنّيني؟قلت: نعم. فلم يزل يعدو بين يدي و أنا اغنيه حتى أشرفنا على العسكر، فانصرف؛ و أتيت الرشيد فحدثته بذلك، فضحك. ثم رجعنا من حجّنا، فإذا هو قد تلقاني و أنا عديل الرشيد، فلما رآني قال: مغنّ و اللّه! قيل له: أ تقول هذا لاخي أمير المؤمنين؟قال اي لعمر اللّه، لقد غناني!و أهدى إليّ أقطا [3] و تمرا، فأمرت له بصلة و كسوة، و أمر له الرشيد بكسوة أيضا. فضحك المأمون، و قال: غنّي الصوت. فغنيته فافتتن به، فكان لا يقترح عليّ غيره.
و كان مخارق و علّوية قد حرّفا القديم كله و صيّرا فيه نغما فارسية؛ فإذا أتاهما الحجازي بالغناء الاول الثقيل، قالا: يحتاج غناؤك إلى فصاده!و اسم علوية: يوسف مولى لبني امية.