اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 38
عائشة لا تكلمه حتى يرضى عنه قند، فدخل عليه سعد و هو وجع من ضربه، فاسترضاه، فرضي عنه، و كلمته عائشة.
هو و مروان بن الحكم
و كان معاوية يعقب بين مروان بن الحكم و سعيد بن العاص على المدينة: يستعمل هذا سنة و هذا سنة؛ و كانت في مروان شدة و غلظة، و في سعيد لين عريكة و حلم و صفح؛ فلقي مروان بن الحكم قندا المغني، و هو معزول عن المدينة و بيده عكازة؛ فلما رآه قال:
قل لقند يشيّع الاظعانا # ربّما سرّ عيننا و كفانا
قال له قند: لا إله إلا اللّه، ما اسمجك واليا و معزولا.
ابن عائشة و الحسن
و روي ابن الكلبي عن أبيه قال: كان ابن عائشة من احسن الناس غناء، و أنبههم فيه، و أضيقهم خلقا، إذا قيل له غنّ، يقول: أو لمثلي يقال هذا؟عليّ عتق رقبة إن غنيت يومي هذا!فإن غنى و قيل له احسنت، قال: لمثلي يقال أحسنت؟عليّ عتق رقبة إن غنيت سائر يومي هذا. فلما كان في بعض الايام سال وادي العقيق، فجاء بالعجب، فلم يبق بالمدينة مخبّأة و لا شابة و لا شاب و لا كهل إلا خرج يبصره، و كان فيمن خرج ابن عائشة المغني، و هو معتجر [1] بفضل ردائه؛ فنظر إليه الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام-و كان فيمن خرج إلى العقيق-و بين يديه أسودان كأنهما ساريتان [2] يمشيان بين يديه أمام دابته؛ فقال لهما: أنتما حرّان لوجه اللّه إن تفعلا ما آمركما به و لم أقطعكما إربا إربا؛ اذهبا إلى ذلك الرجل المعتجر بفضل ردائه، فخذا بضبعيه [3] فإن فعل ما آمره به و إلا فاقذفا به في العقيق!قال: فمضيا
[1] معتجر: يقال: اعتجر فلان بالعمامة: أي لفها على رأسه و ردّ طرفها على وجهه.