اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 27
إنّ الذين غدوا بلبّك غادروا # و شلا بعينك ما يزال معينا
غيّضن من عبراتهنّ و قلن لي # ما ذا لقيت من الهوى و لقينا
فقال: لمن الشعر؟فقال لجرير: ثم غناه:
أسري لخالدة الخيال و لا أرى # شيئا ألذّ من الخيال الطارق
إنّ البليّة من يملّ حديثه # فانقع فؤادك من حديث الوامق
فقال: لمن هذا الشعر؟فقال: لجرير. قال: ما أحوجه مع عفافه إلى خنوثة شعري، و ما أحوجني مع فسوقي إلى رقة شعره! و قال جرير: و اللّه لو لا ما شغلت به من هذه الكلاب، لشببت تشبيبا تحنّ منه العجوز إلى أيام شبابها، حنين الجمل إلى عطنه!
الأحوص و معبد و عقيلة
و قال الأحوص يوما لمعبد: امض بنا إلى عقيلة حتى نتحدث إليها و نسمع من غنائها و غناء جواريها. فمضيا، فألفيا على بابها معاذ الأنصاري و ابن صياد؛ فاستأذنوا عليها، فأذنت لهم إلا الأحوص، فإنها قالت: نحن على الأحوص غضاب، فانصرف الأحوس و هو يلوم أصحابه على استبدادهم بها، و قال:
ضنّت عقيلة عنك اليوم بالزّاد # و آثرت حاجة الثّاوي على الغادي [1]
قولا لمنزلهما: حيّيت من طلل # و للعقيق: ألا حيّيت من واد [2]
إنّي وهبت نصيبي من مودّتها # لمعبد و معاذ و ابن صيّاد
قرشي و مغن في المسجد
و جعل رجل يترنم في مسجد المدينة، و رجل من قريش يسمع؛ فأخذه بعض القوم فقالوا: يا عدوّ اللّه؛ أ تغني في المسجد الحرام!و ذهبوا به إلى صاحب الحكم، و اتبعهم