اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 265
و في الظليم: إن كل ذي رجلين إذا انكسرت إحدى رجليه نهض على الأخرى، و الظليم إذا انكسرت إحدى رجليه جثم؛ و لذا قال الشاعر في نفسه و أخيه:
[فإني و إياه كرجلي نعامة # على ما بنا من ذي غنى و فقير
يقول: لا غنى بواحد منا عن الأخر.
[و قال آخر]:
إذا انكسرت رجل النعامة لم تجد # على أختها نهضا و لا دونها صبرا
قالوا: و علة ذلك أنه لا مخ في عظمه، و كل عظم كسر يجبر، إلا عظما لا مخ فيه.
و الظليم يغتذي المرو و الصخر فتذيبه قانصته بطبعها حتى يصير كالماء.
و في النعامة: إنها أخذت من البعير المنسم و الوظيف و العنق و الخزامة، و من الطير الريش و الجناحين و المنقار؛ فهي لا بعير و لا طائر.
و قال الأحيمر السعدي: كنت ممن خلعني قومي و أطلّ السلطان دمي و هربت و تردّدت في البوادي، حتى ظننت أني قد جزت نخل و بار أو قريبا منه، و ذلك أني كنت أرى النوى في رجع الذئاب، و كنت أغشى الذئاب و غيرها من بهائم الوحش و لا تنفر مني، لأنها لم تر أحدا قبلي، و كنت أمشي إلى الظبي السمين فآخذه[و على ذلك رأيت جميع تلك الوحوش]إلا النعام، فإني لم أره قط إلا نافرا فزعا.
الطير
بلغني عن مكحول أنه قال: كان من دعاء داود النبي عليه السلام: يا رازق النّعّاب [1] في عشه. و ذلك أن الغراب إذا فقس عن فراخه خرجت بيضاء، فإذا رآها كذلك نفر عنها؛ و تفتح أفواهها فيرسل اللّه ذبابا يدخل في أفواهها فيكون ذلك غذاءها حتى تسودّ، فإذا اسودّت عاد الغراب إليها فغذاها و رفع اللّه الذباب عنها!