أتانا بخبز له حامض # كمثل الدراهم في رقّته
إذا ما تنفّس حول الخوان # تطاير في البيت من خفّته
فنحن كظوم له كلنا # نردّ التنفس من خشيته
فيكلمه اللّحظ من رقّة # و يأكله الوهم من قلّته
نزل رجل من العرب ببخيل، فقدّم إليه جرادا، فعافه و أمر برفعه، و قال:
لحا اللّه بيتا ضمّني بعد هجعة # إليه دجوجي من الليل مظلم
فأبصرت شيخا قاعدا بفنائه # هو العير إلا أنه يتكلم
أتانا ببرقان الدّبى في إنائه # و لم يك برقان الدّبى لي مطعم
فقلت له غيّب إناءك و اعتزل # فهذا و هذا لا أبا لك مسلم
ضاف القطامي الشاعر في ليلة ريح ممطرة عجوزا من محارب، فلم تقره شيئا؛ فرحل عنها و قال:
تضيّفت في برد و ريح تلفّني # و في طرمساء غير ذات كواكب
إلى حيزبون توقد النار بعد ما # تلفّعت الظّلماء من كلّ جانب
تصلى بها برد العشاء و لم تكن # تخال وميض النار يبدو لراكب
فما راعها إلا بغام مطيّتي # تريح بمحسور من الصوت لاغب [1]
فجنّت جنونا من دلاث مناخة # و من رجل عاري الأشاجع شاحب [2]
سرى في جليد الليل حتى كأنما # تخرّم بالأطراف شوك العقارب [3]
تقول و قد قرّبت كوري و ناقتي # إليك فلا تذعر عليّ ركائبي
فسلّمت و التسليم ليس يسرّها # و لكنه حق على كلّ جانب [4]
فردّت سلاما كارها ثم أعرضت # كما انحاشت الأفعى مخافة ضارب
فلما تنازعنا الحديث سألتها # من الحيّ؟قالت: معشر من محارب
[1] تريح بمحسور: أي تخرج نفسها، و المحسور: الضعيف.
[2] الدلاث: الناقة الماضية.
[3] تخرم بالأطراف: أي أدخل فيها.
[4] الجانب: الغريب.