اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 21
ير في المجلس غير عبد اللّه، فقال: مجلس من هذا؟قال: مجلس فلان. قال معاوية:
مره يرجع إلى مجلسه. ثم قال: مجلس من هذا؟قال: مجلس فلان. قال: مره يرجع إلى مجلسه... حتى لم يبق إلا مجلس رجل، فقال: مجلس من هذا؟قال: مجلس رجل يداوي الآذان، يا أمير المؤمنين!قال له معاوية: فإنّ أذني عليلة، فمره فليرجع إلى موضعه. و كان موضع بديح المغني، فأمره ابن جعفر، فرجع إلى موضعه، فقال له معاوية: داو أذني من علّتها!فتناول العود ثم غنى:
أ من أمّ أوفى دمنة لم تكلّم # بحومانة الدرّاج فالمتثلم [1]
فحرّك عبد اللّه بن جعفر رأسه، فقال معاوية: لم حرّكت رأسك يا بن جعفر؟ قال: أريحيّة أجدها يا أمير المؤمنين، لو لاقيت عندها لابليت، و لئن سئلت عندها لأعطيت!و كان معاوية قد خضب [2] ، فقال ابن جعفر لبديح: هات غير هذا.
و كانت عند معاوية جارية أعزّ جواريه عنده، كانت متولية خضابه، فغناه بديح:
أ ليس عندك شكر للتي جعلت # ما ابيض من قادمات الشعر كالحمم [3]
و جدّدت منك ما قد كان أخلقه # صرف الزمان و طول الدهر و القدم
فطرب معاوية طربا شديدا و جعل يحرك رجله، فقال ابن جعفر: يا أمير المؤمنين سألتني عن تحريك رأسي فأخبرتك، و أنا أسألك عن تحريك رجلك!فقال معاوية:
كلّ كريم طروب. ثم قام و قال: لا يبرح أحد منكم حتى يأتيه إذني. فبعث إلى ابن جعفر بعشرة آلاف دينار، و مائة ثوب من خاص ثيابه، و إلى كل رجل منهم بألف دينار و عشرة أثواب.
هو و مغنية سمعها
و عن ابن الكلبي و الهيثم بن عدي، قالا: بينا عبد اللّه بن جعفر في بعض أزقة المدينة، إذ سمع غناء، فأصغى إليه، فإذا بصوت شجيّ رقيق لقينة تغني: