اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 195
قال: فبينا أنا أتعجب و أسأل اللّه العافية، إذ دخل علينا شيخ من أهل مرو و نظر إلى العود فقال: أبا فلان، فررت من شيء و وقعت فيما هو شرّ منه؛ أ ما علمت أن الشمس و الريح تأخذان من سائر الأشياء؟أ و ليس[قد]كان البارحة هذا العود عند إطفاء السراج أروى؛ و هو عند إسراجك الليلة أعطش؟قد كنت أنا جاهلا مثلك زمانا، حتى وفقني اللّه إلى ما[هو]أرشد؛ اربط عافاك اللّه مكان العود إبرة كبيرة أو مسلة صغيرة؛ فإن الحديد أبقى، و هو مع ذلك غير نشاف؛ و العود و القصبة ربما تعلقت بهما العشرة من قطن الفتيلة فتشخص معها؛ و ربما كان ذلك سببا لانطفائها!قال الخراساني: ألا و إنك لا تعلم أنك من المسرفين حتى تعمل بأعمال المصلحين.
للجزامي
قال الأصمعي: قال لي أبو محمد الجزامي، و اسمه عبد اللّه بن كاسب، و نحن في العسكر؛ إن للشيب سهكة [1] و بياض الشعر الأسود هو موته، كما أن سواده حياته، أ لا ترى أن موضع دبرة الحمار الأسود لا ينبت فيها إلا شعر أبيض، و الناس لا يرضون منا في هذا العسكر إلا بالعناق و المشامّة و الطيب غال ممتنع الجانب، فلست أرى شيئا هو أحسن بنا من اتخاذ مشط صندل؛ فإن ريحه طيّبة، و الشعر سريع القبول [منه]؛ و أقل ما تصنع أن ما ينفي سهك الشيب؛ حتى يكون حال لا لنا و لا علينا.
لابن أشرس
و كان ثمامة بن أشرس يقول: إياكم و أعداء الخبز أن تأتدموا بها، و اعلموا أن أعدي عدوّ له المملوك، فلولا أن اللّه أعان عليه بالماء لأهلك الحرث و النسل! و كان يقول: كلوا الباقلاء بقشره، فإن الباقلاة تقول: من أكلني بقشري فقد أكلني، و من أكلني بغير قشري فقد أكلته!