اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 171
ذلك فقال إنما اكرم ما أكرم اللّه، و أهين ما أهان اللّه.
و شرد بعير له، فجعل بعيرين لمن دلّ عليه، فقيل له: أ تجعل بعيرين في بعير؟ قال: إنكم لا تعرفون فرحة من وجد ضالته! و افترس الذئب له شاة، فقال لرجل: خلّصها من الذئب و خذها، فان فعلت فأنت و الذئب واحد.
و ساوم رجل هبنقة [1] فقال: اشتريتها بستة، و هي خير من سبعة، و أعطيت فيها ثمانية، و إن أردتها بتسعة، و إلا فزن عشرة! و كان باقل الذي يضرب به المثل في العيّ، اشترى شاة بأحد عشر درهما فسئل:
بكم اشتريت الشاة؟ففتح يديه جميعا و أشار بأصابعه و أخرج لسانه، ليتم العدد أحد عشر.
الفرزدق و الجرنفش
و لما قرّب الفرزدق رأس بغلته من الماء، قال له الجرنفش: نحّ رأس بغلتك حلق اللّه شأفتك!قال: لما ذا عافاك اللّه؟قال لانك كذوب الحنجرة زاني الكمرة، فصاح الفرزدق: يا بني سدود. فاجتمعوا إليه، فقال: سوّدوا الجرنفش عليكم، فما رأيت فيكم أعقل منه.
الجرنفش و هبنقة
قال الأصمعي: سوبق بين الجرنفش و هبنقة، أيهما أجنّ و أحمق، فجاء جرنفش بحجارة خفاف من جص، و جاء هبنقة بحجارة ثقال و ترس، فبدأ الجرنفش فقبض على حجر. ثم قال: درّي عقاب، بلبن و أشخاب!ثم رفع صوته و قال: الترس!فرمى الترس فأصابه، فانهزم هبنقة، فقيل له: لم انهزمت؟فقال: إنه قال: الترس!و رمى الترس فلم يخطئه، فلو أنه قال العين و رماها أ ما كان يصيب عيني؟