اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 144
أنكحت عبدين ترجو فضل مالهما # في فيك مما رجوت التّراب و الحجر
للّه درّ جياد أنت سائسها # برذنتها و بها التّحجيل و الغرر [1]
فقال مقاتل يردّ عليه:
و ما تركت خمسون ألفا لقائل # عليك-فلا تحفل-مقالة لائم
فإن قلتم زوّجت مولى؛ فقد مضت # به سنّة قبلي و حبّ الدراهم
و يقال: إن غيره قال ذلك.
باب في الادعياء
زياد بن عبيد
أول دعيّ كان في الإسلام و اشتهر، زياد بن عبيد، دعيّ معاوية؛ و كان من قصته انه وجهه بعض عمال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه على العراق الى عمر بفتح كان، فلما قدم و اخبر عمر بالفتح في احسن بيان و أفصح لسان، قال له عمر: أ تقدر على مثل هذا الكلام في جماعة الناس على المنبر؟قال: نعم، و على احسن منه، و انا لك أهيب!فأمر عمر بالصلاة جامعة؛ فاجتمع الناس، ثم قال لزياد: قم فاخطب و قص على الناس ما فتح اللّه على إخوانهم المسلمين. ففعل و أحسن و جوّد، و عند أصل المنبر علي بن ابي طالب، و أبو سفيان بن حرب فقال أبو سفيان لعليّ: أ يعجبك ما سمعت من هذا الفتى؟قال: نعم. قال: أما إنه ابن عمك؟قال: فكيف ذلك؟قال: أنا قذفته في رحم أمّه سمية!قال: فما يمنعك أن تدّعيه؟قال: أخاف هذا الجالس على المنبر-يعني عمر-أن يفسد عليّ إهابي. فلما ولي معاوية استلحقه بهذا الحديث، و اقام له شهودا عليه؛ فلما شهد الشهود قام زياد على اعقابهم خطيبا، فحمد اللّه و اثنى عليه، ثم قال: هذا أمر لم اشهد اوله، و لا علم لي بآخره؛ و قد قال أمير المؤمنين ما بلغكم، و شهد الشهود بما قد سمعتم، و الحمد للّه الذي رفع منا ما وضع الناس، و حفظ منا ما ضيّعوا؛ فأما عبيد فإنما هو والد مبرور، أو ربيب مشكور. ثم جلس.