اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 101
الحمد للّه، أحمده و أستعينه، و أصلي على محمد و آله؛ اني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبيّن لي ما تحب فآتيه، و ما تكره فازدجر عنه... و قالت: إنه قد كان لك في قومك منكح، و في قومي مثل ذلك، و لكن إذا قضى اللّه امرا كان، و قد ملكت فاصنع ما أمرك اللّه به: إمساك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسََانٍ[1] أقول قولي هذا و أستغفر اللّه لي و لك.
قال: فأحوجتني و اللّه يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت:
الحمد للّه، أحمده و أستعينه، و أصلي على النبي و آله و أسلم، و بعد؛ فإنك قد قلت كلاما إن تثبتي عليه يكن ذلك حظّك، و إن تدعيه يكن حجة عليك؛ أحب كذا و أكره كذا، و نحن جميع فلا تفرقي، و ما رأيت من حسنة فانشريها، و ما رأيت من سيئة فاستريها.
و قالت شيئا لم أذكره: كيف محبتك لزيارة الاهل؟قلت: ما احب ان يملّني أصهاري!قالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن لهم، و من تكرهه أكرهه؟قلت: بنو فلان قوم صالحون، و بنو فلان قوم سوء.
قال: فبتّ يا شعبي بأنعم ليلة، و مكثت معي حولا لا أرى إلا ما أحب، فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء، فإذا بعجوز تأمر و تنهى في الدار!فقلت:
من هذه؟قالوا: فلانة ختنك [2] . فسري عني ما كنت اجد، فلما جلست أقبلت العجوز فقالت: السلام عليك أبا أمية. قلت: و عليك السلام، من أنت؟قالت: انا فلانة ختنك. قلت: قربك اللّه. قالت: كيف رأيت زوجتك؟قلت خير زوجة.
فقال لي: أبا أمية، إن المرأة لا تكون أسوأ منها في حالتين: إذا ولدت غلاما، أو حظيت عند زوجها؛ فإن رابك ريب فعليك بالسوط؛ فو اللّه ما جاز الرجال في بيوتهم شرّا من المرأة المدللة. قلت: أما و اللّه لقد أدّبت فأحسنت الادب، و رضت