و قال مهلهل لما أسرف في الدماء:
أكثرت قتل بني بكر بربّهم # حتى بكيت و ما يبكي لهم أحد
آليت باللّه لا أرضى بقتلهم # حتى أبهرج بكرا أينما و جدوا
و قال أبو حاتم: أبهرج: أدعهم بهرجا: لا يقتل فيه قتيل، و لا يؤخذ لهم دية.
و قال: البهرج من الدراهم من هذا.
و قال المهلهل:
يا لبكر أنشروا لي كليبا # يا لبكر أين الفرار؟ [1]
تلك شيبان تقول لبكر # صرح الشر و بان السّرار
و بنو عجل تقول لقيس # و لتيم اللات سيروا فساروا
و قال:
قتلوا كليبا ثم قالوا أربعوا # كذبوا و ربّ الحلّ و الإحرام [2]
حتى تبيد قبائل و قبيلة # و يعضّ كل مثقّف بالهام
و تقوم ربّات الحدور حواسرا # يمسحن عرض ذوائب الأيتام [3]
حتى يعضّ الشيخ بعد حميمه # مما يرى ندما على الإبهام [4]
يوم قضة [5]
ثم إن مهلهلا أسرف في القتل و لم يبال بأي قبيلة من قبائل بكر أوقع، و كان أكثر بكر قعدت عن نصرة بني شيبان، لقتلهم كليب بن وائل، و كان الحارث بن عباد قد اعتزل تلك الحروب، حتى قتل ابنه بجير بن الحارث، و يقال إنه كان ابن
[1] أنشروا: أحيوا.
[2] أربعوا: يقال: أربعت الإبل: إذا تركت ترد الماء متى شاءت.
[3] الذوائب: جمع ذؤابة: و هي شعر مقدم الرأس.
[4] يعضّ: يقال: عض على يده: أي ندم.
[5] قضة: عقبة بعارض اليمامة.