فيه قتل خالد بن جعفر ببطن عاقل [2] ، و ذلك أنّ خالدا قدم الأسود بن المنذر، أخي النعمان بن المنذر، و مع خالد عروة الرّحال بن عتبة بن جعفر، فالتقى خالد بن جعفر و الحارث بن ظالم بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، عند الأسود بن المنذر، قال: فدعا لهما الأسود بتمر، فجيء به على نطع [3] فجعل بين أيديهم، فجعل خالد يقول للحارث بن ظالم: يا حارث، أ لا تشكر يدي عندك أن قتلت عنك سيد قومك زهيرا و تركتك سيدهم؟قال: سأجزيك شكر ذلك!فلما خرج الحرث قال الأسود لخالد: ما دعاك إلى أن تحترش بهذا الكلب و أنت ضيفي؟فقال له خالد إنما هو عبد من عبيدي، لو وجدني نائما ما أيقظني!و انصرف خالد إلى قبته، فلامه عروة الرحال، ثم ناما و قد أشرجت [4] عليهما القبة، و مع الحرث تبيع له من بني محارب يقال له خراش، فلما هدأت العيون أخرج الحرث ناقته و قال لخراش: كن لي بمكان كذا، فإن طلع كوكب الصبح و لم آتك فانظر أي البلاد أحبّ إليك فاغمد لها. ثم انطلق الحرث حتى أتى قبة خالد، فهتك شرجها ثم ولجها [5] ، و قال لعروة:
اسكت فلا بأس عليك.
و زعم أبو عبيدة أنه لم يشعر به حتى أتى خالدا و هو نائم فقتله، و نادى عروة عند ذلك: وا جوار الملك!فأقبل إليه الناس، و سمع الهتاف الاسود بن المنذر و عنده امرأة من بني عامر، يقال لها المتجردة، فشقت جيبها و صرخت و في ذلك يقول عبد اللّه بن جعدة:
شقّت عليك العامريّة جيبها # أسفا و ما تبكي عليك ضلالا