اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 6 صفحة : 58
ابن زيد مناة، فأخذ نعما كثيرا، و سبى فيهنّ الزرقاء من بني ربيع بن الحارث، فأعجب بها و أعجبت به، و كانت خرقاء، فلم يتمالك أن وقع بها، فلما انتهى إلى جدود، منعتهم بنو يربوع بن حنظلة أن يردوا الماء، و رئيسهم عتيبة بن الحارث بن شهاب، فقاتلوهم، فلم يكن لبني بكر بهم يد، فصالحوهم على أن يعطوا بني يربوع بعض غنائهم، على أن يخلّوهم[أن]يردوا الماء، فقبلوا ذلك و أجازوهم، فبلغ ذلك بني سعد، فقال قيس بن عاصم في ذلك:
جزى اللّه يربوعا بأسوإ سعيها # إذا ذكرت في النائبات أمورها
و يوم جدود قد فضحتم أباكم # و سالمتم و الخيل تدمى نحورها
فأجابه مالك:
سأسأل من لاقى فوارس منقذ # رقاب إماء كيف كان نكيرها [1]
و لما أتى الصريخ بني سعد، ركب قيس بن عاصم في أثر القوم حتى أدركهم بالأشيمين، فألح قيس على الحوفزان و قد حمل الزرقاء، و كان الحوفزان قد خرج في طليعة، فلقيه قيس بن عاصم فسأله من هو، فقال: لا تكاتم اليوم، أنا الحوفزان، فمن أنت؟قال: أنا أبو علي. و مضى، و رجع الحوفزان إلى أصحابه، فقال: لقيت رجلا أزرق كأنّ لحيته ضريبة [2] صوف فقال: أنا أبو علي. فقالت عجوز من السبي: بأبي أبو علي!و من لنا بأبي علي؟فقال لها: و من أبو علي؟قالت: قيس بن عاصم!فقال لأصحابه: النجاء!و أردف الزرقاء خلفه و هو على فرسه الزّبد، و عقد شعرها إلى صدره و نجا بها. و كانت فرس قيس إذا أوعثت [3] قصّرت و تمطر عليها الزّبد، فلما أجدّت [4] لحقت بحيث يكلم الحوفزان، فقال قيس له: يا أبا حمار، أنا خير لك من الفلاة و العطش!قال له الحوفزان: ما شاء الزبد. فلما رأى قيس أن فرسه لا يلحقه، نادى الزرقاء فقال: ميلي به يا جعار!فلما سمعه الحوفزان، دفعها