اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 6 صفحة : 351
الكاف أقوى عندهم من الهاء و أثبت في الكلام، و إذا خاطبت الذكر و المؤنث لا تبدل صورتها كما تبدل الهاء في غلامه و غلامها، و إذا قلت: مررت بغلامك، و رأيت غلامك، فالكاف في حال واحدة، و الهاء مضطربة في قولك: رأيت غلامه، و مررت بغلامه، و إنما جاز فيها ان تكون وصلا أيضا كما تكون الهاء، لانها تشبهت بالهاء، إذ كانت حرف إضمار كالهاء، و دخلت على الاسم كدخول الهاء، و كانت اسما للحرف كما تكون الهاء، و إنما خالفتها بالشيء اليسير، و أما قولك: ارمه، و اغزه، فلا تكون الهاء هاهنا رويا، لانها لحقت الاسم بعد تمامه، و لانها زوائد فيه و أنها دخلت لتبين حركة[الزاي]من اغزه و الميم من ارمه، و قد تكون تدخل للوقف أيضا.
و اذا كانت الهاء اصلية لم تكن إلا رويا، مثل قول الشاعر:
قالت أبنّا لي و إلا أسفه # ما السّوء إلا غفلة المدلّة
و من بنى شعرا على «حيّ» جاز له فيه «طيّ» و «رمى» ، لأنّ الياء الاولى من حيّ، ليست بردف، لانها من حرف مثقل قد ذهب مدّه و لينه، قال سيبويه: و إذا قال الشعر: تعالى، أو تعالوا، لم تكن الياء و الواو إلا رويا، لان ما قبلهما انفتح، فلما صارت الحركة التي قبلهما غير حركتهما ذهبت قوّتهما في المدّ و أكثريتهما، و كذلك:
أخشى و اخشوا، و كل ياء أو واو انفتح ما قبلها، و كذلك هذه الياء و الواو إذا تحرّكتا لم تكونا إلا حرف روي، لذهاب اللين و المدّ و كذلك قوله: رأيت قاضيا، و راميا، و أريد ان يغزو، و تدعو، في قافيتين من قصيدة.
و أمّا الميم من غلامهم و سلامهم، فقد تكون رويا، و قد تكون وصلا و يلزم ما قبلها، كما قال الشاعر:
يا قاتل اللّه عصبة شهدوا # خيف منّي لي ما كان أسرعهم
إن نزلوا لم يكن لهم لبث # أو رحلوا أعجلوا مودّعهم
لا غفر اللّه للحجيج إذا # كان حبيبي إذا نأوا معهم!
فالعين هنا حرف الرويّ، و الهاء و الميم صلة، كحروف الإضمار كلها التي تقدّم
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 6 صفحة : 351