اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 6 صفحة : 184
تركت امرأتي و قد عسر عليها ولادها. فقال له العتابي: أ لا أدلك على ما يسهّل عليها!قال: و ما هو؟قال: اكتب على رحمها: «هارون» . قال: و ما معناك في هذا؟قال: أ لست القائل فيه:
إن أخلف القطر لم تخلف مواهبه # أو ضاق أمر ذكرناه فيتسع
فقال: أبا لخلفاء تعرّض و فيهم تقع و إياهم تعيب؟فيقال إنه دخل على هارون فأعلمه ما كان من قول العتابي، فكتب إلى عبد الصمد عمه يأمره بقتله. فكتب إليه عبد الصمد يشفع له، فوهبه له.
تقبيح الحسن و تحسين القبيح
سئل بعض علماء الشعر: من أشعر الناس؟قال: الذي يصوّر الباطل في صورة الحق، و الحقّ في صورة الباطل، بلطف معناه، و دقة فطنته، فيقبّح الحسن الذي لا أحسن منه، و يحسّن القبيح الذي لا أقبح منه.
فمن تحسين القبيح قول الحارث بن هشام يعتذر من فراره يوم بدر.
اللّه أعلم ما تركت قتالهم # حتى رموا مهري بأشقر مزبد
و علمت أني إن أقاتل واحدا # أقتل و لا يضرر عدوّي مشهدي
فصدفت عنهم و الأحبّة فيهم # طمعا لهم بعقاب يوم مرصد [1]
و هذا الذي سمعه صاحب رتبيل فقال: يا معشر العرب، حسّنتم كل شيء فحسن حتى الفرار و من تقبيح الحسن قول بشار العقيلي في سليمان بن علي و كان وصل رجلا فأحسن:
يا سوأة يكثر الشيطان ما ذكرت # منها التّعجّب جاءت من سليمانا
لا تعجبنّ لخير زلّ عن يده # فكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا [2]