و لما بلغ كسرى خبر قيس بن مسعود إذ انسل إلى قومه، حبسه حتى مات في حبسه، و فيه يقول الأعشى:
و عرّيت من أهل و مال جمعته # كما عريت مما تمرّ المغازل
و كتب لقيط الإيادي إلى بني شيبان في يوم ذي قار شعرا يقول في بعضه:
قوموا قياما على أمشاط أرجلكم # ثم افزعوا قد ينال الأمن من فزعا
و قلّدوا أمركم للّه درّكم # رحب الذّراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفا إن رخاء العيش ساعده # و لا إذا عضّ مكروه به خشعا
ما زال يحلب هذا الدهر أشطره # يكون متّبعا طورا و متبعا
حتى استمرّ على شزر مريرته # مستحكم الرأي لا قحما و لا ضرعا [1]
و هذه الأبيات نظير قول عبد العزيز بن زرارة:
قد عشت في الدهر أطوارا على طرق # شتّى فصادفت منه اللين و الفظعا
كلاّ بلوت فلا النعماء تبطرني # و لا تخشّعت من لأوائه جزعا [2]
لا يملأ الأمر صدري قبل موقعه # و لا أضيق به ذرعا إذا وقعا
[1] الشزر: الغضب و الاستهانة.
[2] اللأواء: ضيق المعيشة أو شدة المرض.