اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 86
و احمدوا اللّه على العافية.
و قال عليه السّلام لهم أيضا: عجبا لكم، تعملون للدنيا و أنتم ترزقون فيها بغير عمل؛ و لا تعملون للآخرة و أنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل.
و قال يحيى بن زكريا عليه السّلام للمكذّبين من بني إسرائيل: يا نسل الأفاعي، من دلّكم على الدخول في المساخط الموبقة بكم؟ويلكم!تقرّبوا بعمل صالح، و لا تغرّنكم قرابتكم من إبراهيم عليه السّلام. فإن اللّه قادر على أن يستخرج من هذه الجنادل [1] نسلا لإبراهيم. إن الفأس قد وضعت في أصول الشجر، فأخلق بكلّ شجرة مرّة الطعم أن تقطع و تلقى في النار.
و قال شعياء لبني إسرائيل: إذ أطلق اللّه لسانه بالوحي: إن الدابة تزداد على كثرة الرياضة لينا، و قلوبكم لا تزداد على كثرة الموعظة إلا قسوة. إنّ الجسد إذا صلح كفاه القليل من الطعام، و إن القلب إذا صحّ كفاه القليل من الحكمة. كم من سراج قد أطفأته الريح، و كم عابد قد أفسده العجب. يا بني إسرائيل، اسمعوا قولي، فإن قائل الحكمة و سامعها شريكان، و أولاهما بها من حقّقها بعمله.
و قال المسيح صلّى اللّه عليه و سلم: إن أولياء اللّه لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذ نظر الناس إلى ظاهرها، و إلى آجلها إذ نظروا إلى عاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، و تركوا ما علموا أن سيتركهم؛ هم أعداء لما سالم الناس، و سلم لما عادى الناس، لهم خير، و عندهم الخبر العجيب، بهم نطق الكتاب و به نطقوا، و بهم علم الهدى و به عملوا، لا يرون أمانا دون ما يرجون، و لا خوفا دون ما يحذرون.
داود عليه السّلام:
وهب بن منبه قال: قال داود عليه السّلام: يا رب، ابن آدم ليس منه شعرة إلا