اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 261
و اصبر له على أعظم الرزيّة.
و لما مات معاوية بن أبي سفيان، و يزيد غائب؛ صلى عليه الضحاك بن قيس الفهري، ثم قدم يزيد من يومه ذلك؛ فلم يقدم أحد على تعزيته حتى دخل عليه عبد اللّه بن همام السلولي، فقال:
اصبر يزيد فقد فارقت ذا مقة # و اشكر حباء الذي بالملك حاباكا
لا رزء أعظم في الأقوام قد علموا # ممّا رزئت و لا عقبى كعقباكا
أصبحت راعي أهل الأرض كلّهم # فأنت ترعاهم و اللّه يرعاكا
و في معاوية الباقي لنا خلف # إذا نعيت و لا نسمع بمنعاكا
فافتتح الخطباء الكلام.
عزى شبيب بن شبة المنصور على أخيه أبي العباس فقال: جعل اللّه ثواب ما رزئت به لك أجرا، و أعقبك عليه صبرا، و ختم ذلك لك بعافية تامة، و نعمة عامة؛ فثواب اللّه خير لك منه، و ما عند اللّه خير له منك، و أحق ما صبر عليه ما ليس إلى تغييره سبيل.
و كتب إبراهيم بن إسحاق إلى بعض الخلفاء يعزّيه: إن أحق من عرف حقّ اللّه فيما أخذ منه، من عرف نعمته فيما أبقى عليه. يا أمير المؤمنين، إن الماضي قبلك هو الباقي لك، و الباقي بعدك هو المأجور فيك، و إن النعمة على الصابرين فيما ابتلوا به أعظم منها فيما يعافون منه.
الرشيد و عبد الملك بن صالح:
و دخل عبد الملك بن صالح دار الرشيد، فقال له الحاجب: إن أمير المؤمنين قد أصيب الليلة بابن له و ولد له آخر!فلما دخل عليه قال سرك اللّه يا أمير المؤمنين فيما ساءك، و لا ساءك فيما سرك، و جعل هذه بهذه، مثوبة على الصبر، و جزاء على الشكر.
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 261