اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 260
هذه الأمة من قولها: إِنََّا لِلََّهِ وَ إِنََّا إِلَيْهِ رََاجِعُونَ[1] و لو أعطيها أحد لأعطيها يعقوب حيث يقول: يََا أَسَفىََ عَلىََ يُوسُفَ!وَ اِبْيَضَّتْ عَيْنََاهُ مِنَ اَلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ[2] .
و عزى رجل رجلا بابن له فقال له: لو ذهب أبوك و هو أصلك، و ذهب ابنك و هو فرعك؛ فما بقاء من ذهب أصله و فرعه.
تعازي الملوك
لأكتم يعزي ابن هند:
العتبي قال: عزى أكثم بن صيفي عمرو بن هند ملك العرب على أخيه، فقال له:
أيها الملك، إن أهل هذه الدار سفر لا يحلون عقد الرّحال إلا في غيرها، و قد أتاك ما ليس بمردود عنك، و ارتحل عنك ما ليس براجع إليك، و أقام معك من سيظعن عنك و يدعك؛ و اعلم أنّ الدنيا ثلاثة أيام: فأمس عظة و شاهد عدل، فجعك بنفسه، و أبقى لك و عليك حكمته. و اليوم: غنيمة و صديق، أتاك و لم تأته، طالت عليك غيبته، و ستسرع عنك رحلته. وغد: لا تدري من أهله، و سيأتيك إن وجدك!فما أحسن الشكر للمنعم، و التسليم للقادر!و قد مضت لنا أصول نحن فروعها، فما بقاء الفروع بعد أصولها؟و اعلم أن أعظم من المصيبة سوء الخلف منها، و خير من الخير معطيه، و شر من الشر فاعله.
في مهلك المنصور:
لما هلك أمير المؤمنين المنصور، قدمت وفود الأمصار على أمير المؤمنين المهدي، و قدم فيهم أبو العيناء المحدّث؛ فتقدم إلى التعزية فقال: آجر اللّه أمير المؤمنين على أمير المؤمنين قبله، و بارك لأمير المؤمنين فيما خلفه له؛ فلا مصيبة أعظم من مصيبة إمام والد، و لا عقبى أفضل من خلافة اللّه على أوليائه؛ فاقبل من اللّه أفضل العطية،