و كلّ امرئ يوما ملاق حمامه # و إن باتت الدّعوى و طال به العمر
و أبليت خيرا في الحياة و إنّما # ثوابك عندي اليوم أن ينطق الشّعر
ليفدك مولى أو أخ ذو ذمامة # قليل الغناء لا عطاء و لا نصر [1]
لشبل بن معبد البجلي:
أتى دون حلو العيش حتى أمرّه # نكوب على آثارهنّ نكوب
تتابعن في الأحباب حتى أبدنهم # فلم يبق منهم في الدّيار قريب
برتني صروف الدهر من كلّ جانب # كما ينبري دون اللّحاء عسيب [2]
فأصبحت إلا رحمة اللّه مفردا # لدى الناس صبرا و الفؤاد كئيب
إذا ذرّ قرن الشمس علّلت بالأسى # و يأوي إليّ الحزن حين يئوب
و نام خليّ البال عنّي و لم أنم # كما لم ينم عاري الفناء غريب
تضرّ به الأيام حتى كأنّه # بطول الذي أعقبن و هو رقوب
فقلت لأصحابي و قد قذفت بنا # نوى غربة عمّن نحبّ شطوب [3]
متى العهد بالأهل الذين تركتهم # لهم في فؤادي بالعراق نصيب
فما ترك الطاعون من ذي قرابة # إليه إذا حان الإياب نئوب
فقد أصبحوا لا دارهم منك غربة # بعيد، و لا هم في الحياة قريب
و كنت ترجّى أن تئوب إليهم # فعالتهم من دون ذاك شعوب
مقادير لا يغفلن من حان يومه # لهنّ على كلّ النّفوس رقيب
سقين بكأس الموت من حان حينه # و في الحيّ من أنفاسهنّ ذنوب [4]
و إنا و إيّاهم كوارد منهل # على حوضه بالباليات نهيب
إليه تناهينا و لو حال دونه # مياه وراء كلّهن شروب
فهوّن عنّي بعض وجدي أنّني # رأيت المنايا تغتدي و تئوب
و لسنا بأحيا منهم غير أنّنا # إلى أجل ندعى له فنجيب
[1] الذمامة: العهد.
[2] العسيب: جريد النخل إذا نحى عنه خوصه.
[3] شطوب: مبعدة.
[4] الذنوب: الحظ و النصيب.