و من قولي فيه أيضا:
وا كبدا قد قطّعت كبدي # و حرّقتها لواعج الكمد
ما مات حيّ لمت أسفا # أعذر من والد على ولد
يا رحمة اللّه جاوري جدثا # دفنت فيه حشاشتي بيدي
و نوّرى ظلمة القبور على # من لم يصل ظلمه إلى أحد
من كان خلوا من كلّ بائقة # و طيّب الرّوح طاهر الجسد
يا موت، يحيى لقد ذهبت به # ليس بزمّيلة و لا نكد [1]
يا موته لو أقلت عثرته # يا يومه لو تركته لغد
يا موت لو لم تكن تعاجله # لكان لا شكّ بيضة البلد [2]
أو كنت راخيت في العنان له # حاز العلا و احتوى على الأمد [3]
أيّ حسام سلبت رونقه # و أيّ روح سللت من جسد
و أيّ ساق قطعت من قدم # و أيّ كفّ ازلت من عضد
يا قمرا أجحف الخسوف به # قبل بلوغ السواء في العدد [4]
أيّ حشى لم يذب له أسفا # و أيّ عين عليه لم تجد [5]
لا صبر لي بعده و لا جلد # فجعت بالصبر فيه و الجلد
لو لم أمت عند موته كمدا # لحقّ لي أن أموت من كمدي
يا لوعة لا يزال لاعجها # يقدح نار الأسى على كبدي [6]
و قلت فيه أيضا:
قصد المنون له فمات فقيدا # و مضى على صرف الخطوب حميدا
بأبي و أمي هالكا أفردته # قد كان في كلّ العلوم فريدا
سود المقابر أصبحت بيضا به # و غدت له بيض الضمائر سودا
[1] الزميل: الجبان الضعيف.
[2] بيضة البلد: السيد.
[3] الأمد: الغاية.
[4] السواء: أي أنه لم يكتمل.
[5] لم تجد: لم تذرف الدمع.
[6] لاعجها: لهبها و حرّها.