اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 165
بيمين، و لم يعرق لك فيه جبين؛ إن يوم القيامة يوم حسرة و ندامة، و إن من أعظم الحسرات غدا أن ترى مالك في ميزان غيرك؛ فيا لها حسرة لا تقال، و توبة لا تنال.
هشام بن عبد الملك حين حضرته الوفاة:
لما حضرت هشام بن عبد الملك الوفاة، نظر إلى أهله يبكون عليه، فقال: جاد لكم هشام بالدنيا وجدتم له بالبكاء، و ترك لكم ما جمع، و تركتم عليه ما حمل؛ ما أعظم منقلب هشام إن لم يغفر اللّه له.
نقصان الخير و زيادة الشر
عاصم بن حميد عن معاذ بن جبل قال: إنكم لن تروا من الدنيا إلا بلاء، و فتنة، و لا يزيد الأمر إلا شدّة، و لا الأئمة إلا غلظا، و ما يأتيكم أمر يهولكم إلا حقّره ما بعده.
قال الشاعر:
الخير و الشر مزداد و منتقص # فالخير منتقص و الشر مزداد
و ما أسائل عن قوم عرفتهم # ذوي فضائل إلا قبل قد بادوا [1]
العزلة عن الناس
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «استأنسوا بالوحدة عن جلساء السوء» .
و قال: إن الإسلام بدأ غريبا و لا تقوم الساعة حتى يعود غريبا كما بدأ.
و قال العتابي: ما رأيت الراحة إلا مع الخلوة، و لا الأنس إلا مع الوحشة.
و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «خيركم الأتقياء الأصفياء الذين إذا حضروا لم يعرفوا و إذا غابوا لم يفتقدوا» .
و قال: «لا تدعوا حظكم من العزلة؛ فإن العزلة لكم عبادة» .