قال بعض الشعراء يصف الدنيا:
لقد غرّت الدنيا رجالا فأصبحوا # بمنزلة ما بعدها متحوّل
فساخط أمر لا يبدّل غيره # و راض بأمر غيره سيبدّل
و بالغ أمر كان يأمل دونه # و مخترم من دون ما كان يأمل [1]
و قال هارون الرشيد: لو قيل للدنيا صفي لنا نفسك، و كانت ممن ينطق، ما وصفت نفسها بأكثر من قول أبي نواس:
إذا امتحن الدّنيا لبيب تكشّفت # له عن عدوّ في ثياب صديق
و ما الناس إلاّ هالك و ابن هالك # و ذو نسب في الهالكين عريق
لبعض الشعراء:
و قال آخر في صفة الدنيا:
فرحنا و راح الشّامتون عشيّة # كأنّ على أكتافنا فلق الصّخر
لحا اللّه دنيا تدخل السّتر أهلها # و تهتك ما بين الأقارب من ستر
و لأبي العتاهية:
كلنا نكثر الملامة للدنيا # و كل بحبّها مفتون
و المقادير لا تناولها الأو # هام لطفا و لا تراها العيون
و لركب الفناء في كلّ يوم # حركات كأنهنّ سكون
لابن عبد ربه:
و من قولنا في وصف الدنيا:
ألا إنما الدّنيا نضارة أيكة # إذا اخضرّ منها جانب جفّ جانب [2]
هي الدار ما الآمال إلاّ فجائع # عليها و لا اللّذّات إلا مصائب
فكم سخنت بالأمس عين قريرة # و قرّت عيون دمعها اليوم ساكب
[1] المخترم: أي الذي اخترمته المنيّة فقضت عليه.
[2] الأيكة: الشجر الملتف.