responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 102

من إدراك ما فات من منطقك، و احفظ ما في الوعاء بشدّ الوكاء، فحسن التدبير مع الاقتصاد أبقى لك من الكثير مع الفساد و الحرفة [1] مع العفة خير من الغنى مع الفجور، و المرء أحفظ لسره، و لربما سعى فيما يضره، و إياك و الاتكال على الأماني، فإنها بضائع النّوكى‌ [2] ، و تثبّط عن الآخرة و الأولى، و من خير حظ الدنيا القرين الصالح، فقارن أهل الخير تكن منهم، و باين أهل الشر تبن عنهم، و لا يغلبنّ عليك سوء الظن، فإنه لن يدع بينك و بين خليل صلحا. أذك قلبك بالأدب كما تذكى النار بالحطب، و اعلم أن كفر النعمة لؤم، و صحبة الأحمق شؤم، و من الكرم منع الحرم، و من حلم ساد، و من تفهم ازداد. امحض أخاك النصيحة [3] ، حسنة كانت أو قبيحة. لا تصرم أخاك على ارتياب، و لا تقطعه دون استعتاب، و ليس جزاء من سرك أن تسوءه. الرزق رزقان: رزق تطلبه و رزق يطلبك، فإن لم تأته أتاك، و اعلم يا بني أنه مالك من دنياك إلا ما أصلحت به في مثواك، فأنفق من خيرك. و لا تكن خازنا لغيرك، و إن جزعت على ما يفلت من يديك، فاجزع على ما لم يصل إليك ربما أخطأ البصير قصده، و أبصر الأعمى رشده، و لم يهلك امرؤ اقتصد، و لم يفتقر من زهد. من ائتمن الزمان خانه و من تعظم عليه أهانه. رأس الدين اليقين، و تمام الإخلاص اجتناب المعاصي، و خير المقال ما صدّقه الفعال. سل عن الرفيق قبل الطريق، و عن الجار قبل الدار، و احمل لصديقك عليك، و اقبل عذر من اعتذر إليك، و أخّر الشر ما استطعت، فإنك إذا شئت تعجلته. لا يكن أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته، و على الإساءة أقوى منك على الإحسان. لا تملّكنّ المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها، فإن المرأة ريحانة، و ليست بقهرمانة، فإنّ ذلك أدوم لحالها، و أرخى لبالها، و اغضض بصرها بسترك، و اكففها بحجابك، و أكرم الذين بهم تصول، فإذا تطاولت‌ [4] تطول. أسأل اللّه أن يلهمك الشكر و الرشد: و يقوّيك على العمل بكل خير، و يصرف عنك كل محذور برحمته. و السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته.


[1] الحرفة: الضيق و الاقلال.

[2] النوكى: مفردها نوك و هو الأحمق.

[3] امحض النصيحة: أخلص له و خصّه بها.

[4] تطاولت: تكبّرت و ترفعت.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست