responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 318

فوضع الحجّام محاجمه في جونته‌ [1] و مضى عنه.

أبو المكنون و أعرابي:

و سمع أعرابي أبا المكنون النحويّ في حلقته و هو يقول في دعاء الاستسقاء: اللهم ربّنا و إلهنا و مولانا، فصلّ على محمد نبينا، اللهم و من أراد بنا سوءا فأحط ذلك السوء به كإحاطة القلائد بأعناق الولائد، ثم أرسخه على هامته كرسوخ السّجّيل‌ [2] على أصحاب الفيل؛ اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريثا مريعا مجلجلا مسحنفرا [3] هزجا، سحّا [4] سفوحا، طبقا غدقا مثعنجرا [5] نافعا لعامّتنا و غير ضار لخاصتنا. فقال الأعرابي: يا خليفة نوح، هذا الطوفان و ربّ الكعبة، دعني حتى آوي إلى جبل يعصمني من الماء.

و سمعه مرة أخرى يقول في يوم برد: إن هذا يوم بلّة عصبصب‌ [6] ، بارد هلّوف‌ [7] . فارتعد الأعرابي و قال: و اللّه هذا مما يزيدني بردا.

و خطب أبو بكر المنكور فأغرب في خطبته و تقعّر في كلامه؛ و عند أصل المنبر رجل من أهل الكوفة يقال له حنش؛ فقال لرجل إلى جنبه: إني لأبغض الخطيب يكون فصيحا بليغا متقعّرا. و سمعه أبو بكر المنكور الخطيب. فقال له: ما أحوجك يا حنش إلى مدحرج مفتول لين الجلاد لدن المهزّة عظيم الثمرة [8] ، تؤخذ به من مغرز العنق إلى عجب الذنب‌ [9] ، فتعلى فتكثر له رقصاتك من غير جذل.


[1] الجونه: سلة مغشّاة أدما تكون مع العطارين.

[2] السّجيل: حجارة كالمدر.

[3] المسحنفر: الكثير الصبّ الواسع.

[4] السحّ: الهطول.

[5] طبقا: عاما واسعا، و الغدق: الكثير و المثعنجر: السحاب الممتلئ.

[6] البلّة، الندوة: و العصبصب: الشديد.

[7] الهلّوف: الثقيل البطي‌ء الذي لا غناء عنده.

[8] ثمرة السوط: طرفه.

[9] مغرز العنق إلى عجب الذنب: أصلاهما.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 318
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست