responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 191

و خلّط إذا لاقيت يوما مخلّطا # يخلّط في قول صحيح و في هزل‌ [1]

فإنّي رأيت المرء يشقى بعقله # كما كان قبل اليوم يسعد بالعقل‌

فبقيت أبقاك اللّه مثل من أصبح على أوفاز [2] ، و من النّقلة على جهاز، لا تسوغ له نهمة و لا يطعم عينيه غمضة، في أهاويل يباكره مكروهها و تراوحه عقابيلها [3]

فلو أن الدعاء أجيب و التضرّع سمع، لكانت الهدّة العظمى، و الرجفة الكبرى؛ فليت الذي يا أخي ما أستبطئه من النفخة، و من فجأة الصيحة، قضي فحان، و أذن به فكان؛ فو اللّه ما عذّبت أمة برجفة و لا ريح و لا سخطة، عذاب عيني برؤية المغايظة المضنية، و الأخبار المهلكة، كأن الزمان توكل بعذابي، أو انتصب لإيلامي؛ فما عيش من لا يسرّ بأخ شقيق، و لا خدن شفيق، و لا يصطبح في أول نهاره إلا برؤية من تكره رؤيته، و نغمة من تغمّه طلعته فبدّل اللّه لي-أي أخي-بالمسكن مسكنا، و بالربع ربعا!فقد طالت الغمة، و واطنت الكربة، و ادلهمّت الظّلمة، و خمد السراج، و تباطأ الانفراج، السلام.

فساد الإخوان‌

قال أبو الدرداء: كان الناس ورقا لا شوك فيه، فصاروا شوكا لا ورق فيه.

و قيل لعروة بن الزّبير: أ لا تنتقل إلى المدينة؟قال: ما بقي بالمدينة إلا حاسد على نعمة، أو شامت بمصيبة.

الخشني‌ [4] ، قال: أنشدني الرياشي:

إذا ذهب التّكرّم و الوفاء # و باد رجاله و بقي الغثاء [5]

و أسلمني الزّمان إلى رجال # كأمثال الذّئاب لها عواء


[1] خلّط: كذّب و أدخل الحق بالخطإ.

[2] أوفاز: عجلة.

[3] العقابيل: الشدائد.

[4] الخشني: هو محمد بن عبد السلام.

[5] الغثاء: رغوة القدر، أو ما يجرفه السيل من أوراق أو ممّا على وجه الأرض.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 191
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست