اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 1 صفحة : 73
أصبحت حاتمها جودا، و أحنفها # حلما، و كيّسها علما، و دغفلها [1]
ما لي أرى القبة البيضاء مقفلة # دوني و قد طال ما استفتحت مقفلها
أظنّها جنّة الفردوس معرضة # و ليس لي عمل زاك فأدخلها
باب الوفاء و الغدر
بين مروان و عبد الحميد الكاتب
قال مروان بن محمد لعبد الحميد الكاتب حين أيقن بزوال ملكه: قد احتجت إلى أن تصير مع عدّوي و تظهر الغدر بي؛ فإن إعجابهم بأدبك و حاجتهم إلى كتابتك تدعوهم إلى حسن الظنّ بك، فإن استطعت أن تنفعني في حياتي، و إلا لم تعجز عن حفظ حرمتي بعد مماتي. فقال عبد الحميد: إن الذي أمرت به أنفع الأشياء لك و أقبحها بي، و ما عندي غير الصبر معك حتى يفتح اللّه عليك أو أقتل معك. و أنشأ يقول:
أسرّ وفاء ثم أظهر غدرة # فمن لي بعذر يوسع الناس ظاهره
عبد الملك بعد قتله ابن سعيد
أبو الحسن المدائني قال: لما قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد بعد ما صالحه و كتب له أمانا و أشهد شهودا. قال عبد الملك بن مروان لرجل كان يستشيره و يصدر عن رأيه إذا ضاق به الأمر: ما رأيك في الذي كان مني؟قال: أمر قد فات دركه [2] !قال: لتقولنّ!قال حزم لو قتلته و حييت. قال: أ و لست بحيّ؟فقال: ليس بحيّ من أوقف نفسه موقفا لا يوثق له بعهد و لا بعقد. قال عبد الملك: كلام لو سبق سماعه فعلي لأمسكت.
[1] يعني: حاتما الطائي، و الأحنف بن قيس، و الكيس بن أبي الكيس المحدث، أو زيد بن الكيس النمري النسّابة، و دغفل بن حنظلة الشيباني النسّابة.