responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 1  صفحة : 353

من هو أولى منك بالأمر، و طلبتك ما ليس لك بحق. و واليت عليّا على ما عقد له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من الولاء، و حبّه المساكين. و إعظامه لأهل الدين. و عاديتك على سفكك الدماء، و جورك في القضاء، و حكمك بالهوى.

قال: فلذلك انتفح بطنك، و عظم ثدياك، و ربت عجيزتك‌ [1] ، قالت: يا هذا، بهند و اللّه كان يضرب المثل في ذلك لا بي. قال معاوية: يا هذه اربعي‌ [2] ، فإنا لم نقل إلا خيرا؛ إنه إذا انتفخ بطن المرأة تمّ خلق ولدها، و إذا عظم ثدياها تروّى رضيعها. و إذا عظمت عجيزتها رزن مجلسها. فرجعت و سكنت. قال لها: و يا هذه، هل رأيت عليا؟قالت: إي و اللّه. قال: فيكيف رأيته؟قال: رأيته و اللّه لم يفتنه الملك الذي فتنك، و لم تشغله النعمة التي شغلتك. قال: فهل سمعت كلامه؟قالت:

نعم و اللّه، فكان يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت صدأ الطّست. قال:

صدقت!فهل لك من حاجة؟قالت: أو تفعل إذا سألتك؟قال: نعم. قالت: تعطيني مائة ناقة حمراء فيها فحلها و راعيها. قال: تصنعين بها ما ذا؟ قالت: أغذو بألبانها الصّغار، و أستحيي بها الكبار، و أكتسب بها المكارم، و أصلح بها بين العشائر.

قال: فإن أعطيتك ذلك فهل أحلّ عندك محل علي بن أبي طالب؟ قالت: ماء و لا كصدّاء [3] ، و مرعى و لا كالسّعدان‌ [4] ، و فتى و لا كمالك، يا سبحان اللّه، أو دونه؟فأنشأ معاوية يقول:

إذا لم أعد بالحلم منّي عليكم # فمن ذا الذي بعدي يؤمّل للحلم

خذيها هنيئا و اذكري فعل ماجد # جزاك على حرب العداوة بالسلم-

ثم قال: أما و اللّه لو كان عليّ حيا ما أعطاك منها شيئا.

قالت: لا و اللّه، و لا و برة واحدة من مال المسلمين.


[1] ربت عجيزتك: عظمت و كبرت.

[2] اربعي: تمهّلي و انتظري.

[3] صدّاء: عين لم يكن عندهم أعذب من مائها.

[4] السّعدان: نبت ذو شوك، و هو أفضل مراعي الإبل.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 1  صفحة : 353
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست