اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 1 صفحة : 301
عليها و هي شربة واحدة [1] ، و لعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض، فتخرجون من الأصواء-قال ابن إسحاق: الأصواء أعلام القبور-و من مصارعكم، فتنظرون إليه و ينظر إليكم.
قال: قلت: يا رسول اللّه، و كيف، نحن ملء الأرض و هو شخص واحد ننظر إليه و ينظر إلينا؟ قال: أنبئك بمثل ذلك في إلّ اللّه: الشمس و القمر آية منه صغيرة ترونهما و يريانكم ساعة واحدة، و لعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم و تروه من أن تروهما و يرياكم، لا تضارون في رؤيتهما.
قال: قلت: يا رسول اللّه، فما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه؟ قال: تعرضون عليه بادية له صفحاتكم لا يخفي عليه منكم خافية، فيأخذ ربك بيده غرفة من الماء، فينضح بها قبلكم، فلعمر إلهك ما تخطئ وجه أحدكم منها قطرة. فأما المسلم فتدع وجهه مثل الرّيطة [2] البيضاء، و أما الكافر فتخطمه [3] بمثل الحمم [4] الأسود. ثم ينصرف نبيّكم و يتفرق على أثره الصالحون. قال: فتسلكون جسرا من النار، فيطأ أحدكم الجمر يقول: حس!يقول ربك: أو إنّه؟فتطّلعون على حوض الرسول لا يظمأ و اللّه ناهله، فلعمر إلهك ما يبسط أحد منكم يده إلا وضع عليها قدح يطهره من الطّوف [5] و البول و الأذى، و تحبس الشمس و القمر و لا ترون منهما واحدا.
قال: قلت: يا رسول اللّه، فبم نبصر يومئذ؟
[1] الشربة: حوض يكون في أصل النخلة و حولها يملأ ماء تشربه.