اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 1 صفحة : 260
و أفرط، فقال له هارون: أ لم أنهك عن مثل هذا في مدحك يا أخا بني أسد؟إذا قلت فينا فقل كقول القائل في أب هذا:
بنو مطر يوم اللقاء كأنهم # أسود لها في غيل خفّان أشبل [1]
هم يمنعون الجار حتّى كأنّما # لجارهم بين السّماكين منزل [2]
بهاليل في الإسلام سادوا و لم يكن # كأوّلهم في الجاهليّة أوّل
و ما يستطيع الفاعلون فعالهم # و إن أحسنوا في النائبات و أجملوا
هم القوم إن قالوا أصابوا و إن دعوا # أجابوا و إن أعطوا أطابوا و أجزلوا
و منهم خالد بن عبد اللّه القسري
و هو الذي يقول فيه الشاعر:
... إلى خالد حتى أنخن بخالد # فنعم الفتى يرجى و نعم المؤمّل
بينا خالد بن عبد اللّه القسري جالس في مظلة له، إذ نظر إلى أعرابي يخب [3] به بعيره مقبلا نحوه؛ فقال لحاجبه. إذا قدم فلا تحجبه. فلما قدم أدخله عليه، فسلّم و قال:
أصلحك اللّه قلّ ما بيدي # فما أطيق العيال إذ كثروا
أناخ دهر ألقى بكلكله # فأرسلوني إليك و انتظروا [4]
فقال خالد: أرسلوك و انتظروا؟و اللّه لا تنزل حتى تنصرف إليهم بما يسرّهم.
و أمر له بجائزة عظيمة و كسوة شريفة.
و منهم عديّ بن حاتم
دخل عليه ابن دارة فقال: إني مدحتك. قال: أمسك حتى آتيك بمالي ثم امدحني على حسبه، فإني أكره أ لا أعطيك ثمن ما تقول، لي ألف شاة، و ألف درهم، و ثلاثة
[1] غيل خفّان: موضع كثير الغياض قرب الكوفة و هو مأسدة.