اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 1 صفحة : 238
و قال مسلم بن الوليد صريع الغواني لمحمد بن منصور بن زياد:
أبا حسن قد كنت قدّمت نعمة # و ألحقت شكرا ثم أمسكت وانيا [1]
فلا ضير لم تلحقك مني ملامة # أسأت بنا عودا و أحسنت باديا
فأقسم لا أجزيك بالسّوء مثله # كفى بالذي جازيتني لك جازيا
و قال سليمان الأعمى، و هو أخو صريع الغواني، في سليمان بن علي:
يا سوأة يكبر الشيطان إن ذكرت # منها العجائب جاءت من سليمانا
لا تعجبنّ بخير زلّ عن يده # فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا
من ضن أولا ثم جاد آخرا
قدم الحارث بن خالد المخزوميّ على عبد الملك فلم يصله، فرجع و قال فيه:
صحبتك إذ عيني عليها غشاوة # فلما انجلت قطّعت نفسي ألومها
حبست عليك النّفس حتّى كأنّما # بكفّيك يجري بؤسها و نعيمها
فبلغ قوله عبد الملك، فأرسل إليه فردّه و قال: أ رأيت عليك غضاضة [2] من مقامك ببابي؟قال: لا، و لكني اشتقت إلى أهلي و وطني، و وجدت فضلا من القول فقلت، و عليّ دين لزمني. قال: و كم دينك؟قال ثلاثون ألفا. قال: فقضاء دينك أحبّ إليك أم ولاية مكة؟قال: بل ولاية مكة. فولاه إياها.
و قدم الحطيئة المدينة فوقف إلى عتيبة بن النهاس العجليّ، فقال: أعطني. فقال:
مالك عندي حقّ فأعطيكه، و ما في مالي فضل عن عيالي فأعود به عليك. فخرج عنه مغضبا، و عرّفه به جلساؤه، فأمر بردّه، ثم قال له: يا هذا، إنك وقفت إلينا فلم تستأنس و لم تسلّم، و كتمتنا نفسك، كأنك الحطيئة؟قال: هو ذلك. قال: اجلس فلك عندنا كلّ ما تحب، فجلس فقال له: من أشعر الناس؟قال الذي يقول: