responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسالة الموضحة في ذكر سرقات المتنبي و ساقط شعره المؤلف : ابن المظفر الحاتمي    الجزء : 1  صفحة : 52
كالُزن إن ضَحِكَتٌ لوامع برقِهِ ... أجلَت بهِ عن ديمةٍ أو وابِلِ
فقال أبو الطيب: نكتب عن هذا، فهل تجد لبي تمامكم هذا أو بحتريكم معنى اخترعاه؟ فقلت: هل تستوفي اختراعاتهما مذاكرة، أو يأتي على جزء واحد منها البحث والمناقشة؟ فقال: هلم معنى واحداً ولك الحصل. فقلت له: من اختراعات أبي تمام التي وقع إجماع الرواة عليها قوله
تأبى على التصريدِ إلا نائلاً ... إلا يكُن مَحضاً قَراحاً يُمذَقِ
عَمداً كما استكرَهتَ عائرَ نَفحةٍ ... من فارِةِ المِسكِ التي لم تُفتَقِ
فقال هذا من قول الأعرابي:
ولما تَنازعنا سِقاطَ حدَيثهِا ... غِشاشاً فَلانَ الوُد منها فأطمَعَا
بحدِثانِ هِجرانٍ وساعَةِ غَفَلةٍ ... من الحي يخَشى أعيُناً أن تَطلعَا
فرَشٌت بِقيلٍ كادَ يشَفي من الهوَى ... تكادُ له أكبادنُا أن تَقُطعا
كما استَكرَهَ الصادي وقَائعَ مُزنَةٍ ... رُكاماً توَلى مُزنُها حينَ نَقعَا
فقلت له: ما أبعد ما بين المعنيين، وما أجدك تجتلب ذاك إلا من أجل قول هذا " كما استكره " وقول أبي تمام " عمداً كما استكرهت ". والألفاظ مباحة، إلا استعارة لطيفة أو تجنيساً أو طباقاً، فإن هذه تختص بأربابها. وإذا أتى بها آخر بعد أول قضي عليه بالسرق، على أنه في المجاز أن يتورد آخر وأول في بعض ذلك. فقال المهلبي: يا أبا الطيب ظلمت أبا تمام في هذه الدعوى عليه ظلماً لا شبهة فيه. وأقبل علي وقال: تمم كلامك. قلت ومن مخترعه قوله:
وإذا أرادَ اللهُ نَشرَ فَضيلَةٍ ... طُوِيتْ أتاحَ لها لسانَ حَسودِ
لولا اشتعالُ النارِ فيما جاوَزَتٌ ... ما كانَ يعُرَفُ طِيبُ نَشرِ العودِ
فقال أبو الطيب: أما البيت الأول فمبتذل المعنى. فقال المهلبي: مثل ماذا؟ فقال قول زهير:
مُحَسدونَ على ما كانَ من كَرَمٍ ... لا يَنزعُ الله عَنهُم ما له حُسِدوا
وقال الآخر
ولَيسَ يفترِقُ النعماءُ والحَسَدُ
وقول الآخر
مُحَسدُون وشَرُ الناسِ منزلةً ... مَن لم يبَت ذاتَ يومٍ وهو محسودُ
فقال المهلبي: هذا أيضاً تحامل، ما يتناسب المعيان، وإن كانا معاً في الحسد، ألا ترى أن قوله:
وإذا أراد الله نَشرَ فَضيلةٍ ... طُوِيِت أتاحَ لها لسانَ حَسود
ليس من قول زهير: محسدون، لا ينزع الله عنهم ما حسدوا له، ولا من قول الآخر: شر الناس من لم يكن محسوداً، وقول الآخر:
ولَيسَ يفَترِقُ النعماءُ والحَسدُ
وأن كان كل ذلك في معنى واحد وطريقة واحدة؟ فقلت له: هذا باب من الأتساع في المعنى مما يشبه المأخوذ وليس بمأخوذ، وهذه منزلة لا يتوقلها إلا شثن القدمين. فقال أبو الطيب: فقد أخذ قوله: " لولا اشتعال النار " من قول بشار:
كحَاوي المِسكِ دَل علَيهِ نَفخُ
فقال علي بن عيسى النحوي: إن كان فعل ذاك فقد الله أحسن كل الإحسان. فقال المهلبي مقبلاً علي: هات ما حضرك من اختراعاته، فقلت: ومن اختراعاته قوله:
وضَل بكَ المُرتادُ من حيثُ يَهتدَي ... وضَرت بكَ الأيامُ من حيثُ تَنفَعُ
ومن بدائعه:
يَسُركَ أن تَلقاهُ في صَدرِ مَجلِسٍ ... وفي نحرِ أعداءٍ وفي قلبِ مَوكبِ
لهُ خُلُقُ لو كانَ في الماء لم يَغِض ... وفي الغَيثِ ما شام امرُؤ بَرقَ خُلبِ
وقوله:
خَليليْ مِن بَعدِ الأسَى وَالجوَى قفِا ... ولا تقَفِا فَيضَ الدموعِ السواجم
لَئنِ كانَ سيفُ الموتِ أسوَدَ صادئاً ... لقَد فُلَّ عنَهُ حَدُ أبيضَ صارِمِ
أصابَ امرأ كانَت كرائِمُ مالِهِ ... علَيهِ إذا ما سيِلَ غَيرَ كَرائِمِ
وما نَكْبةُ فاتَت بهِ بعَظيمَةٍ ... ولكنها مِن أمهاتِ العَظائِمِ
ومن اختراعاته قوله يصف الرماح:
مشقفاتٍ سلَبنَ الرومَ زُرقَتَها ... والعُربَ سُمرتها والعاشِق القَضفا
وقوله
والسيفُ ما لم يُلف فيه صَيقلُ ... من نَفسِهِ لم يَنتفِع بصقِالِ
فقال: هذا من قول امرئ القيس:
يُدعى صَقيلاً وهو لَيسَ لهُ ... عَهدُ بتَمويهٍ ولا صَقيل
وقوله:
والحادِثاتُ وإن أصابَكَ بُؤسُها ... فهو الذي أنباكَ كيفَ نَعيمهُا
وقوله:
اسم الکتاب : الرسالة الموضحة في ذكر سرقات المتنبي و ساقط شعره المؤلف : ابن المظفر الحاتمي    الجزء : 1  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست