responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسالة الموضحة في ذكر سرقات المتنبي و ساقط شعره المؤلف : ابن المظفر الحاتمي    الجزء : 1  صفحة : 48
وقد أخذت هذا البيت على رسمك فقلت:
) وإذا كانَت النفُوسُ كباراً ... تعبْ في مُرادها الأجسام (
فقال: وأبو القائل مبتدئاً:
ما لكَثيبِ الحِمى إلى عقِدِةْ
فقلت: أجل هذه القصيدة التي أخذت منها:
كالخُوطِ في القَدِّ والغَزالة في الب ... هْجةِ وابن الغزالِ في غَيدَةْ
ثم تدارك هذا فقال:
وما حَكاهُ ولا نَعيمَ لهُ ... في جِيده بل حكاةُ في جَيدةْ
فقلت آخذاً للبيت الأول:
) بَدَتْ قمَراً ومالتْ غُصْنَ بانٍ ... وفاحتْ عنبراً ورنَتْ غَوالا (
فما أنكرت من هذا الابتداء ونعيته عليه؟ ألا نعيت قوله: أصَمَ بكَ النّاعي وإنْ كانَ أسمعاَ ولم يقلَ في ابتداء مرْثيةٍ بعد قول أوس بن حجر أسير ولا أخصر من هذا. فإن العلماء بالشعر قاطبة تشير إلى قول أوس:
أيتها النفّسُ أجملي جَزَعاَ
وقول أبي تمام، إن لم تنكر، أوفى منه. فقال هو مأخوذ من الأول:
نَعىَ لي أبا المقدامِ فاسودّ منظري ... من الأرْض واستكَّتْ عليّ المسامع
فقلت: هو منه، ولكن شتان ما هما قرباً ولطفاً واختصاراً. ولو لم تكن إلا فضيلة الإيجار لحكمت بالإحسان وأعطيته السبق. وقوله:
سعدَتْ غُرْبةٌ النّوى بسعادِ
وقوله:
أرامةَ كُنتِ مألف كل ريمِ
فقال هذا من قول زهير: وقوله في ابتداء أخرى:
لهانَ عَليناَ أنْ نقولَ ونَفْعلا
وابتداء أخرى:
أجلْ أيها الربْعُ الذي آهلُهْ ... لقد أدركتْ فيك النّوى ما تُحاولهُ
وقوله:
ما عَهدناْ كذا نحيبَ المَشوقِ
وقوله:
أيّها البرقُ بتْ بأعلى البراقِ ... واغْدُ فيها بوابلٍ غيداقِ
وتَعلَمْ بأنهُ ما لأنْوا ... ئكَ ما لم تروَها من خلاقِ
دمنَ طالماَ التقتْ أدمعُ المزْن ... عَليها وأدمعُ العشّاقِ
فهذا من أحسن ابتداء وكذلك قوله:
خذُي عَبَراتِ عَينكِ عن زماعي ... وصُوني ما أذلتْ منَ القناعِ
أآلفَةَ النّحيبِ كمِ افتراقٍ ... أظل فكانَ داعيةَ اجتماعِ
وليسْت فَرْحَةٌ الأوباتِ إلاّ ... لموْقُوفٍ على تَرحِ الوداعِ
ثم قلت: وهو الذي يقول في الدالية التي هتفت في ابتدائها يصف لواء:
نعْم لواءٌ الخميسِ أبْتَ بهِ ... يوْمَ خميسٍ عالي الضّحى أفدِهِ
خلتْ عقاباً بيضاءَ في حجراًت ... الملْكِ طارتْ به وفي سدَدهْ
ومرّ تهْفوُ ذؤابتاةُ على ... أسمرَ متنٍ بوْم الوغى جَسدِهْ
تَخْفقُ أثْناؤه على مَلكٍ ... يرىَ طرادَ الأبطالِ من طَردَهْ
فقال أبو الطيب: عذّ عن هذا، أما أبو التمام القائل:
والمجدُ لا يرْضى بأنْ يرْضىَ بأنْ ... يرْضىَ الذي يَرْجوكَ إلاّ بالرضاَ
هذا والله الهذيان الذي يشغل بطون المهارق ويطفئ نار القرائح.
قال: وأراه سمع بيت مسلم فاحبّ أن يركب الكلام ويعاظله تركيب مسلم ومعاظلته في قوله:
سلتْ وسلتْ ثمَ سلّ سليلُها ... فغداَ سليلُ سليلها مسلولا
فأضحكني هذا التخيل منه وقلت: إن مسلماً وإن كّرر اللفظ، فلبيته معنى لطيف أنا أورده، وقد أورده الباهلي في تاب) المعاني (، فزعم أنه يريد هذه الحمرة سلت من الكرم باقتطافه، ثم سلت من العنب باعتصاره، ثم سلّ العصير من الدن ببزله، وقوله:
فغداَ سَليلُ سَليلها مسَلولا
يريد بول شاربها. وقد قال بعد هذا البيت:
لطفَ المزاجُ لها فَزَيّنَ كأسهاَ ... بقلادَةٍ جُعلتْ لهاَ إكْليلا
يريد أن المزاج رفعها فجعل القلادة وهي في العين إكليلاً. وقد نازعه أبو نؤاس هذا المعنى وأحسن العبارة عنه بقوله:
تدَورُ علينا الرّاحُ في عَسْجديةٍ ... حَبَتهْا بأنواعِ التصّوير فارسُ
قَرارتَها كسرىَ وفي جنَباتها ... مهاً تدّريهِ بالقسيّ الفّوارِس
فللخَمرِ ما زرّتْ عليهِ جُيوبهاُ ... وللماء ما دارتْ عليهِ القلانسُ
وأما قول أبي تمام:) والمسجدُ لا يرْضىَ بأنْ يرْضىَ (ينقصه مثلك وأنت القائل:
) فقَلقَلتَ بالهمُ الذي قَلقَل الحشاَ ... قلاَقلَ عَينٍ كُلهن قلاقلُ (
والقائل:
) ومن جاهلٍ بي وهوَ يجهلُ جَهله ... ويَجهلُ علمْي أنهُ بيَ جاهلُ (
وأنت القائل:
اسم الکتاب : الرسالة الموضحة في ذكر سرقات المتنبي و ساقط شعره المؤلف : ابن المظفر الحاتمي    الجزء : 1  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست