اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 84
أيها الناس، إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان لا يتأخر و لا يتقدم إلا بإذن اللّه و أمره و وحيه، أنزل اللّه كتابا بيّن له فيه ما يأتي و ما يتقي، و لم يك في شك من دينه، و لا في شبهة من أمره، ثم قبضه اللّه و قد علّم المسلمين معالم دينهم، و ولى أبا بكر صلاتهم، فولاه المسلمون أمر دنياهم حين ولاه رسول اللّه أمر دينهم، فقاتل أهل الردّة، و عمل بالكتاب و السنة، فمضى لسبيله رحمة اللّه عليه.
ثم ولي عمر بن الخطاب رحمه اللّه، فسار بسيرة صاحبه، و عمل بالكتاب و السنة، وجبى الفيء، و فرض الأعطية، و جمع الناس في شهر رمضان، و جلد في الخمر ثمانين، و غزا العدو في بلادهم، و مضى لسبيله رحمة اللّه عليه.
ثم ولي عثمان بن عفان فسار ستّ سنين بسيرة صاحبيه، و كان دونهما ثم سار في الست الأواخر بما أحبط به الأوائل، ثم مضى لسبيله.
ثم ولي عليّ بن أبي طالب، فلم يبلغ من الحق قصدا، و لم يرفع له منارا، ثم مضى لسبيله.
ثم ولي معاوية بن أبي سفيان لعين رسول اللّه و ابن لعينه، فاتخذ عباد اللّه خولا، و مال اللّه دولا، و دينه دغلا، ثم مضى لسبيله، فالعنوه لعنة اللّه.
ثم ولي يزيد بن معاوية، و يزيد الخمور، و يزيد القرود، و يزيد الفهود، الفاسق في بطنه، المأبون في فرجه، فعليه لعنة اللّه و ملائكته.
ثم اقتصهم خليفة خليفة، فلما انتهى إلى عمر بن عبد العزيز أعرض عنه، و لم يذكره. ثم قال:
ثم ولي يزيد بن عبد الملك الفاسق في دينه، المأبون في فرجه، الذي لم يؤنس منه رشد، و قد قال اللّه تعالى في أموال اليتامى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوََالَهُمْ ، فأمر أمة محمد عليه السلام أعظم. يأكل الحرام و يشرب الخمر، و يلبس الحلة قوّمت بألف دينار، قد ضربت فيها
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 84