اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 83
منكم من الذنوب أكثر مما عندي. فاستغفر اللّه لي و لكم. و ما تبلّغنا حاجة يتسع لها ما عندنا إلا سددناها، و ما أحد منكم إلا وددت أن يده مع يدي، و لحمتي الذين يلونني [1] ، حتى يستوي عيشنا و عيشكم. و ايم اللّه إني لو أردت غير هذا من عيش أو غضارة، لكان اللسان مني ناطقا ذلولا، عالما بأسبابه. لكنه مضى من اللّه كتاب ناطق، و سنّة عادلة دلّ فيها على طاعته، و نهى فيها عن معصيته.
ثم بكى رحمه اللّه فتلقى دموع عينيه بطرف ردائه، ثم نزل، فلم ير على تلك الأعواد حتى قبضه اللّه إلى رحمته.
أما بعد: فإنك ناشئ فتنة و قائد ضلالة، و قد طال جثومها، و اشتدت غمومها، و تلونت مصايد عدو اللّه فيها، و قد نصب الشرك لأهل الغفلة عما في عواقبها. فلن يهدّ عمودها، و لن ينزع أوتادها إلا الذي بيده ملك الأشياء، و هو اللّه الرحمن الرحيم. إلا و إن للّه بقايا من عباده لم يتحيّروا في ظلمتها، و لم يشايعوا أهلها على شبهتها، مصابيح النور في أفواههم تزهر، و ألسنتهم بحجج الكتاب تنطق. ركبوا نهج السبيل، و قاموا على العلم الأعظم، فهم خصماء الشيطان الرجيم، و بهم يصلح اللّه البلاد، و يدفع عن العباد. فطوبى لهم و للمستصبحين بنورهم. أسأل اللّه أن يجعلنا منهم.
خطبة أبي حمزة الخارجي
دخل أبو حمزة الخارجي مكة-و هو أحد نساك الإباضية و خطبائهم، و اسمه يحيى بن المختار-فصعد منبرها متوكئا على قوس له عربية، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: